منذ أن تقلد رجب طيب أردوغان قمة السلطة فى تركيا متقلبا بين منصبى رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، اتخذ من القضية الفلسطينية منصة لحصد تأيد المسلمين والحصول على تعاطفهم مع سياساته التوسعية فى الإقليم، ومنذ 2003 وحتى الآن لم يطلق طلقة واحدة باتجاه إسرائيل بل وقع معها معاهدات واتفاقيات تكلل العلاقات الثنائية بينهما على مستويات السياسة والأمن والاقتصاد.
نتنياهو الإرهابى
يوم الجمعة الماضى اندلعت مظاهرات فلسطينية قادها أبناء قطاع غزة ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلى فى ذكرى يوم الأرض من جانب الميليشيات الصهيونية، لكن الآلة العسكرية الإسرائيلية اتخدمت العنف المفرط وأسقطت عددا من الشهداء والجرحى.
كعادته حاول رجب طيب أردوغان استغلال المسألة لصالحه، حتى يعزز من موقعه لدى بعض العرب والمسلمين المنخدعين بشعاراته التى يرددها فى السنوات الأخيرة، وحتى يكسف موقفه صدقية لدى الرأى العام الإسلامى وصف أردوغان التصرف الإسرائيلى مع مظاهرات الجمعة الماضية التى نظمها الفلسطينيون فى قطاع غزة بأنه "هجوم غير إنسانى".
وقال أردوغان فى خطاب بثه التليفزيون التركى موجها حديثه لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو "أنت المحتل، والاحتلال على هذه الأراضى هو أنت، لكن فى الوقت نفسه فأنت إرهابى أيضا".
من أنقرة لتل أبيب
بالرغم من كل هذه الانتقادات المعلنة إلا أن العلاقات التركية ـ الإسرائيلية تمر بواحدة من أكثر فترات تاريخ العلاقات الثنائية استقرارا ونموا مضطردا فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، خاصة بعد أن وقع أردوغان اتفاقية التطبيع مع إسرائيل بالعام 2006.
وحتى يكتمل المشهد خرج نتنياهو وكتب على حسابه الخاص من خلال موقع تويتر للتغريدات المصغرة: "لن يستمع أكثر جيش فى العالم التزاما بالأخلاقيات إلى محاضرة فى الأخلاقيات من شخص يقوم بقصف المدنيين طوال سنوات دون تمييز"، فى إشارة منه إلى الاحتلال التركى لعفرين السورية والتوسع شرقا.
وفى السنوات الأخيرة تنامت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب فى مجالات الاقتصاد والسياسة فضلا عن التنسيق العسكرى فى ما يتعلق بأزمات شرقى المتوسط، وشهدت العلاقات بين البلدين زيارات على أرفع مستوى من مسئولى الحكومتين فى أنقرة وتل أبيب.
علاقات وثيقة
بالرغم من حالة العداء والاختلاف الدائم بين البلدين إلا أن تركيا لم تطلق رصاصة واحدة على إسرائيل حتى بعد أن اعترضت القوات البحرية الإسرائيلية أسطول مرمرة الشهير وسجل الميزان التجارى بين البلدين فى السنوات الأخيرة ما معدله 3 مليارات دولار سنويا، وازداد فى السنوات الخمسة الأخيرة رغم التوتر السياسى الظاهرى بين البلدين.
وفى يونيو من العام الماضى 2017 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتانياهو، إن قواته ستواصل الحصار البحرى على قطاع غزة بعد الاتفاق مع تركيا على تطبيع العلاقات بين الدولتين، ما يعنى أن تركيا أتاحت لإسرائيل مواصلة الحصار البحرى الجائر على القطاع ولم تشترط رفع الحصار.
وبعد تحرك ضباط الجيش التركى ضد رجب طيب أرودغان، محاولين إقصائه عن الحكم وعزله ومحاكمته فى منتصف يوليو 2016 أعلنت إسرائيل عن طريق وزارة خارجيتها وقوفها إلى جانب أردوغان والتزامها بدعمه، ما يعنى أن العلاقات بين العاصمتين على أعلى مستوى وأن الخطاب السياسى تجاه فلسطين يستخدم لأغراض دعائية فى المقام الأول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة