أستمتع وأنا أتابع تعليقات أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية على ما يحدث فى تركيا من تغيرات سياسية، وتلاعب من جانب رجب طيب أردوغان، الذى يبدو أنه وصل إلى درجة من الجنون لم يصلها رئيس من قبله، فهو يظن نفسه الإله الذى لا راد لكلمته، ولا معقب على قراراته، فالإخوان الذين نظروا لثورة المصريين ضدهم فى 30 يونيو 2013 على أنها انقلاب على الشرعية، بعدما رفضت الجماعة الإرهابية الاستجابة لطلب المصريين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، هم أنفسهم من هللوا لأردوغان حينما قرر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة فى تركيا، لمواجهة حالة الغضب التى تتصاعد يوما وراء الآخر رفضا لوجود أردوغان وكل رجاله، ووصف الإخوان قرار أردوغان بالذكى.
قمة النفاق والرياء ما يمارسه أعضاء التنظيم الإرهابى، فهم يظنون أنفسهم أذكياء، بتملقهم لأردوغان الذى سمح لهم بالتواجد على الأراضى التركية، والتخطيط لكل العمليات الإرهابية القذرة التى ينفذونها فى مصر، لكنهم لا يدركون أن المصريين يعتبرونهم أكثر فصيل إرهابى غبى فى التاريخ، ليس هم فقط وإنما معهم أردوغان نفسه، فالغباء هو الذى يحكم تصرفاتهم وتحركاتهم، وإلا ما رأينا هذا الترحيب والتمجيد من جانب الإرهابية فى شخص أردوغان واعتباره داهية سياسية، لأنه استطاع توجيه ضربة قاضية للمعارضة التركية بموافقته عل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، وتناسى الإخوان ومعهم أردوغان أنهم عاشوا نفس الموقف فى مصر قبل خمسة أعوام، لكنهم رفضوا الاستجابة لمطالب القوى السياسية والشارع المصرى الذى قال للإخوان إن شرعيتهم الانتخابية انتهت، وما عليهم إلا اللجوء مرة أخرى للصناديق، لكنهم رفضوا وأصموا آذانهم عن سماع صوت المصريين، فكانت النتيجة المنطقية أن خرج أكثر من 30 مليون مصرى فى الشوارع لينزع الشرعية عن الإخوان بقوة الحق والمنطق.
الإخوان وأردوغان وصل بهم الغباء إلى التغنى والتباهى بموقف رفضوه فى مصر قبل خمسة أعوام، لكن الفارق واضح، فالإخوان يعتبرون أردوغان هو الخليفة والمرشد الأعظم، وما يصدر عنه من قرارات وآراء هو الحق المبين، فى حين أنهم اعتبروا المصريين مجرد تابعين للخلافة الأردوغانية، ولم يدر بخلدهم ولو للحظة أن الشعب المصرى سيثور ضد الفاشية الإخوانية.
بالعودة إلى قرار أردوغان باللجوء لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، فبعيدا عن التهليل الإخوانى، فهو إجراء معروفة نتيجته مسبقًا، فأردوغان وحزبه يدركون جيدا أن شعبيتهم وصلت إلى أدنى مستوياتها، وأن أى انتخابات نزيهة ستخرجهم من الحكم غير مأسوف عليهم، فما تشهده تركيا من ديكتاتورية وقمع للحريات والإعلام والمعارضة جعل الشارع التركى يضيق بأردوغان وحزبه، إذن لماذا لجأوا لفكرة الانتخابات، بالتأكيد هم اختاروا هذا لأنهم يضمنون من البداية أن الانتخابات سيتم تزويرها أمام الجميع، ولن يستطيع أحد أن يتحدث، وأن هذه الانتخابات هى الطريقة التى يردون بها على كل منتقديهم فى الداخل أو الخارج، حتى وإن كانت مزورة، فما يهمهم ليس الشكل وإنما النتيجة، أن يقولوا لأوروبا وللمعارضة إنهم فازوا مجددا فى الانتخابات، ولن يتركوا الحكم.. نعم ستكون انتخابات مزورة لكنها وفق الشريعة الأردوغانية الفاسدة.
الانتخابات جرى تحديدها فى 24 يونيو المقبل، وكلنا نعلم أن هذا الوقت غير كاف لأحد إلا الحزب الذى يسيطر على السلطة بأساليبه القمعية، والذى يأمل من خلال مزيد من التزوير والترهيب أيضا أن يطرد المعارضة من البرلمان التركى حتى لا يكون لهم أى تمثيل رسمى، خاصة حزب الشعوب الديمقراطى المؤيد للأكراد، وهو ثالث أحزاب البرلمان، أردوغان يرفع شعار «نخشى أن يدفع شعبنا وبلدنا هذا الثمن»، لذلك كان قرار الانتخابات المبكرة، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، فالأمر لا علاقة له بالشعب، وإنما الرغبة فى فرض مزيد من القمع والسيطرة على الشعب الذى ضاق من تصرفات الحزب السلطوى الذى فرض نفسه بالقوة البوليسية.
هناك من يقول إن أردوغان يريد استغلال الارتفاع النسبى فى شعبيته بعد احتلال مدينة عفرين السورية بزعم طرد مقاتلين أكراد منها تعتبرهم أنقرة «إرهابيين»، لكن هذا الرأى من وجهة نظرى قاصر ولا علاقة له بالواقع، فأردوغان ارتفعت شعبيته لدى أنصاره داخل الحزب وبين جماعة الإخوان الإرهابية، لكن الأتراك أنفسهم ليس لديهم رغبة فى تعميق أزمات تركيا الخارجية، والتى ازدادت بعد احتلال أراض سورية، وأيضا الحال الذى وصلت إليه العلاقات التركية العربية، والتى أثرت بشكل سلبى على الاقتصاد التركى، خاصة أن دول الخليج بدأت فى سحب استثماراتها من تركيا، اعتراضا على جنون أردوغان ورفاقه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة