فى حالة نجاح مشروع تطوير التعليم، سوف نكون قطعنا ثلاثة أرباع الطريق نحو المستقبل، وبقدر الاتفاق على أن التعليم نقطة الانطلاق الرئيسية، فإن إحداث تغيير فى التعليم معركة ليست سهلة، لأنها تتعلق بإزالة تراكمات الماضى، وآثار التجارب المختلفة، فضلا عن أنها تصطدم وتصطدم بالكثير من أصحاب المصالح والأيادى التى تستفيد من الوضع الحالى، وهى أطراف عديدة ومتشابكة، وكل خطوة تتعلق بالعملية التعليمية فيها طرف تتعارض مصالحه مع التغيير، لهذا فإن الأمر بحاجة إلى الكثير من الصبر والشرح والحوار، حتى يمكن أن ينضم المجتمع وهو صاحب المصالحة الحقيقى إلى هذه المسيرة، التى يمكن فى حال نجاحها أن تنقلنا إلى المستقبل.
هناك تفاصيل كثيرة يتضمنها مشروع تطوير التعليم الذى عرضه الوزير طارق شوقى، تتعلق بالمناهج والمدرس والطالب، والتواصل بين أطراف المنظومة التعليمية، وفى حال بدء المشروع فى العام الجديد، يتوقع أن تظهر النتائج فعليا بعد سنوات ليست قليلة، ويفترض أن يكون مستمرا ومتواصلا ولا يرتبط بشخص الوزير أو المسؤولين ولا بتجارب وتعديلات عشوائية، يظل نجاح هذا التطوير مرهونا بالتقدم الذى يحققه فى كل تفصيلة.
نحن بالفعل أمام تركيبة متشابكة تتطلب بالفعل تفهما من المجتمع وتشريعات تسهل تطبيق النظام الجديد، وأيضا هو لا يتعلق فقط بوزارة التربية والتعليم، يفترض أن ينعكس على الجامعات وكليات التربية والمناهج المرتبطة بتدريب المعلمين وغيرها من طرق التعليم الحديثة التى تجاوزت الشكل التقليدى، أو بمعنى أصح دمجت الشكل التقليدى للتعليم فى إطار التطورات والتطبيقات التكنولوجية الحديثة، وتوظيف أدوات التواصل والإنترنت والأدوات والوسائل الحديثة.
وربما يكون من حسن الطالع أن الأجيال الجديدة من التلاميذ لديها قدرات على استيعاب التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة لأدوات الاتصال ربما بشكل أكبر من السابق، وهى ميزة يمكن أن تسهل الانتقال من المناهج الورقية إلى المناهج الإلكترونية، لكن المعرفة التقنية وسيلة وليست غاية، ويفترض أن تجتمع إجادة اللغات والتكنولوجيا مع المناهج التعليمية بالشكل الذى يسهل التواصل وانتقال المعلومات.
هناك إشارات فى أكثر من مناسبة من وزير التعليم إلى من أسماهم أصحاب المصالح، والأيادى الخفية، كل خطوة فى التعليم هناك طرف أو أطراف تستفيد من الوضع القائم، وتخسر من التطوير والتحديث، وتقاوم التغيير مباشرة أو بطريق المعارك الفرعية، بدءا من طباعة الكتب المدرسية والخارجية، والدروس الخصوصية وهى أكثر الأيادى الخفية علانية.
وتجيد الأيادى الخفية الحرب بأدوات مختلفة، ولا تتوانى عن الضرب تحت الحزام، وفى أحيان كثيرة يرفعون رايات الصالح العام، وهم يقصدون مصالحهم، إذا تم إلغاء الكتاب المدرسى، هناك أطراف تعيش على طباعته، ثم المستفيدون من الكتب الخارجية والملخصات، وفى وقت ما كان خبراء تأليف الكتاب المدرسى يصدرون الكتب الخارجية، تزامنا مع صعود دولة الدروس الخصوصية.
الدروس الخصوصية تمثل فى حد ذاتها عالما متشابك الأركان، يصعب الإحاطة بتفاصيله، وتمثل تيارا ضخما وشبكات شديدة التعقيد، لا شك أنها نقاط مقاومة للتحديث والتطوير، وتحتاج إلى يقظة وتركيز.
لكل هذا فإن هناك حاجة لشرح وتسويق المشروع فى المجتمع، وأمام الرأى العام، وربما يكون المعلمون هم العنصر الفاعل فى تطوير التعليم. ونقصد بأحوال المعلمين ماديا ومعنويا.
وفيما يتعلق بالإنفاق على التعليم، لايزال نصيب التعليم من الموازنة أقل مما هو مقرر فى الدستور، لكن وزير التعليم الدكتور طارق شوقى أعلن أن تكلفة التطوير 2 مليار دولار يقدم البنك منها نصف مليار دولار كقرض تم توقيعه فعلا والدولة تتكفل بالباقى، مع الأخذ فى الاعتبار أن مبلغ المليارى دولار هو جزء من تكاليف أكبر تتطلبها العملية التعليمية، فيما يتعلق بالمدارس وطرق التدريس وشبكات الإنترنت والأجهزة التعليمية، التى يفترض أن يتسلمها التلاميذ والمعلمون، وبجانب الإنفاق المادى، فإن حسن إدارة الأموال، ورفع مستوى المعلم والإدارة الاقتصادية للموازنة، وخفض نقاط التسرب، كلها عناصر تساهم فى إنجاح المشروع.
مع الأخذ فى الاعتبار أن حساب ما ينفق على التعليم فعلا هو أضعاف ما يخصص له من الموازنة العامة، ويتجاوز حجم ما ينفقه المصريون على الكتب الخارجية والدروس الخصوصية والملازم والتعليم «العرفى» أضعاف ما ينفقوه على التعليم رسميا وشعبيا، وفى حال إزالة الازدواج بين الإنفاق الرسمى والعرفى، يمكن أن تحل معادلة التعليم عموما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة