هناك عدد من الوزارات المصرية عليها العين، كما يقولون، والعين هنا المقصود بها المراقبة، وعلى رأس هذه الوزارات تأتى «الآثار»، فكل قرار لها يتلقفه الناس المختصون وغير المختصين ويقلبون فى جدواه ويبحثون عن الثغرات الكامنة فيه، وهذا حقهم، لأن هذه الوزارة تختص بـتحويشة عمر المصريين.
كتبت من قبل وأشدت بالقرارات الجيدة التى اتخذها الدكتور خالد العنانى، لكن هنا، وبعد قرار المجلس الأعلى للآثار بنقل أكثر من 50 منبرا أثريا، استغربت وتساءلت عن الجرأة التى صدر بها القرار، ولاحظت أن الكثيرين وأغلبهم من المتخصصين استغربوا أيضا هذا القرار وسألوا عددا من الأسئلة المنطقية، منها: كيف سيتم تخزين هذا القدر الكبير من المنابر الخشبية، ومن الذى يضمن حمايتها، وكيف سيكون شكل المسجد الأثرى دون منبره، وكيف سيتم عرضها جميعا فى معرض فنى؟ وأسئلة أخرى كثيرة كلها تبحث عن إجابات.
لكن بدلا من هذه الإجابات جاء الارتباك من الوزارة، خاصة من المجلس الأعلى للآثار والذى يرأسه الدكتور مصطفى وزيرى، الذى سارع بالنفى التام، مؤكدا أن النقل تم لمسجد واحد، ولم يشر إلى القرار الذى صدر وكأنه يدين المواقع التى اهتمت، بعد ذلك عادت الوزارة واعترفت بالقرار وأكدت أن هناك سوء فهم قد حدث.
هذا الارتباك من الوزارة هو الذى أفسد كل شىء، لأن هذا القرار قد يكون سليما وواجبا، لكن رغبة الوزارة فى أن يتم ذلك سرا، هو ما جعل الناس يتوجسون خيفة، كما أن الرد الحاد من بعض أفراد الوزارة مما يعكس إحساسهم بالغضب، ساعد على اتساع ما نراه الآن من عدم الطمأنينة المتبادلة، وفى رأيى فإن وزارة الآثار تتحمل كل ذلك.
كنت أتوقع من وزير الآثار أن يعقد مؤتمرا صحفيا ويخرج على الناس المتسائلة ويوضح لهم كل ما يتعلق بهذا الأمر وبغيره من الأمور، وهذا لا ينقص من الوزير فى شىء، فإضافة إلى أن هذا عمله، فهو أيضا يحسب له، خاصة أن الناس تتوقع من خالد العنانى ذلك، فجميع تصرفاته السابقة تعكس مدى فهمه لدوره وعمله.
وكما قلت فى البداية، فإن الآثار هى تحويشة عمر المصريين التى يراهنون عليها لحل أزماتهم، فهم يعملون وينتظرون يوما تعود فيه السياحة إلى مصر بكامل قوتها، وعند ذلك يأتى الفرج.