يمكن أن تقدم لعبة الحوت الأزرق تفسيرا لقرار الشباب صغير السن بالانتحار، ويمكن أيضا أن تفك جزءا من لغز تحويل الشباب إلى انتحاريين فى صفوف التنظيمات الإرهابية، والمفتاح فى التشابه بين التزام ضحايا لعبة الحوت الأزرق بتعليمات مجهولة بالموت، والسمع والطاعة فيما يتعلق بشباب التنظيمات الإرهابية التى تحولهم إلى أدوات قتل مبرمجة وقنابل يفجرون انفسهم لصالح داعش أو القاعدة وباقى تنظيمات الموت الأسود.
وهناك تشابه بين الشباب الذى ينفذ تعليمات مجهولة بالانتحار فى لعبة الحوت الأزرق وأمثاله من أعضاء التنظيمات الإرهابية الذين يفجرون انفسهم فى تجمعات لا يعرف منهم أحد فى أسواق ببغداد أو مركز انتخابى بباكستان، أو كنيسة فى مصر أو حاجز أمنى، وهؤلاء غالبا ما يكونون انطوائيين أو يعانون من العزلة والإهمال وتكون لدى بعضهم استعدادات نفسية للسمع والطاعة.
وأن يتخذ شاب قرارا بالانتحار بناء على تعليمات من شخص أو أشخاص لا يعرفهم، وتفصله عنهم آلاف الكيلومترات، يحتاج إلى تركيبة خاصة واستعداد نفسى، وهو ما يحدث فيما يتعلق بلعبة الحوت الأزرق، ويتطلب الأمر دراسة نفسية موسعة للشباب المنخرطين فى اللعبة ومن يقدمون منهم على الانتحار، مع التأكد بالفعل أن الانتحار بسبب اللعبة وليس لسبب آخر. وإذا لم يكن ممكنا الاستماع لشهادات المنتحرين من ضحايا اللعبة، يمكن دراسة حالات وشهادات الشباب الذين لعبوا ولم يصلوا للانتحار، وهؤلاء يقدمون إجابات مهمة حول كيفية تنفيذ تعليمات الموت.
وقد ينقلنا هذا إلى تفهم التركيبة النفسية للانتحاريين فى صفوف التنظيمات الإرهابية، وهو ما يحاول الأوربيون تفهمه، بحثا عن الأسباب التى تحول الشباب الذى ولد ونشأ فى أوروبا إلى انتحاريين، ينخرطون فى صفوف داعش وأخواتها ليقتلوا بشرا لا يعرفوهم ولا يفهمون قضاياهم. والفكرة ليست فقط تحول 5 آلاف شاب أوروبى إلى إرهابيين ولكن كيفية تحويل بعضهم إلى أجسام مفخخة، تنفذ تعليمات الزعماء، بالموت وقتل الغرباء فى كل مكان من دون تمييز.
ويربط بعض المحللين بين التنظيمات الإرهابية والمافيا، وعصابات الجريمة المنظمة، وهؤلاء تقوم العلاقة بين الأفراد والزعماء على السمع والطاعة، والالتزام بمصالح «العائلة»، فيما يتعلق بالمافيا، وفيما يتعلق بالإرهاب، رصد الباحثون الحشاشين كأقدم جماعة إرهابية كان أفرادها يمارسون القتل، وينتحرون تنفيذا لتعليمات الزعيم «حسن الصباح».
كانت التفسيرات السائدة أن أغلب الإرهابيين فى الشرق حتى ظهر أوروبيون يفجرون أنفسهم وينفذون أكثر العمليات الإرهابية دموية، وكان الإرهابى جون أبرز مثال كان أشهر ذباح فى صفوف داعش، ومعه عدد آخر من الإرهابيين الأوروبيين.
فى بريطانيا كانت قصة عمر حقى المعلم البريطانى الداعشى فى لندن الذى قرر تشكيل جيش من الأطفال لتنفيذ هجمات إرهابية، أدانته المحكمة واثنين من معاونيه بعد أن استمر لسنوات يعلم 110 أطفال بريطانيين الإرهاب فى محاولة لتشكيل «جيش أطفال، لتنفيذ موجة من الهجمات الإرهابية فى لندن كان يدرس للأطفال لقطات فيديو لقطع رؤوس، ويشرح لهم عظمة الإرهاب وأهمية العنف.
وقالت التقارير، إن المتهم نجح فى تحويل أطفال بين سن الحادية عشرة والرابعة لاعتناق الفكر المتطرف، وكان يستخدم التخويف ليجبرهم على السرية، ويهددهم بالذبح والحرق،
اكتشف الأوروبيون أن مواطنيهم قابلون للانخراط فى الإرهاب، وأن آلاف الشباب من بريطانيا وألمانيا بلجيكا وسويسرا والدانمارك وسويسرا، ولدوا وتعلموا وعاشوا فى أوروبا انضموا إلى داعش.
وكشف الصحفى الألمانى كريستوفر رويتر فى كتابه «السلطة السوداء» عن الربط بين داعش وعلاقاته الاستخبارية، بأن عملية التجنيد داخل التنظيم تتم بطرق نفسية وليس فقط استغلالا للتأثير الدينى، وحاول كشف الكيفية التى يتم بها تجنيد الشخص العادة ليصبح إرهابيا ومستعدا لتنفيذ تعليمات زعماء، ربما لا يعرفهم، وليس بينه وبينهم علاقة.
وهو ما يمكن اكتشافه فى حالة دراسة نفسية الشاب الذى ينتحر بتعليمات الحوت الأزرق، والانتحارى الذى يقتل نفسه وغيره، تنفيذا لتعليمات زعيم إرهابى، حيث يتشابه إصدار الأوامر فى الحالتين.
الشاب الذى ينخرط فى تنظيم مثل داعش أو القاعدة ويفجر نفسه فى بشر لا يعرفهم أو يدهس مسالمين أو يطعنهم، ربما يكون هو نفسه الشاب الذى يقتل نفسه تنفيذا لتعليمات الحوت الأزرق.