منذ فترة انتفض الجميع، وأنا منهم، ضد الأستاذ صلاح منتصر، بسبب مقاله غير الموفق عن شعر ولحية محمد صلاح، كان مقال الأستاذ منتصر يمثل تدخلا سافرا فى الحياة الخاصة للسفير المصرى فى الملاعب الأوربية، بالإضافة إلى خلط فكرى وصل بكاتب المقال لإشارة متطرفة بأن لحية صلاح تخدم الإرهاب والمتطرفين.
الآن ومع كل ظهور ونجاح لمحمد صلاح تتكشف لك مفاجأة صادمة، الجمهور وبعض الإعلاميين وأهل النخبة الذين انتفضوا ضد صلاح منتصر يمارسون وبشكل منتظم وربما أكثر فجاجة خطأ صلاح منتصر فى حق محمد صلاح، يقتحمون حياته الخاصة ويحملون تصرفاته تأويلات وتفسيرات تضر النجم المصرى أكثر ماتنفعه.
صلاح فرحة مصرية حقيقية، يروى ظمأ الجمهور المصرى الذى عاش لسنوات طويلة عطشان لنجم مصرى فى ملاعب أوروبا يحقق إنجازات اللاعبين الأفارقة ويحول اتجاه أنظار العالم نحو القاهرة لإقناعها بأنها قادرة على ولادة المبدعين والمتميزين، ولا شىء أقبح مما يمارسه فئة من الجمهور بالتعاون مع بعض من أهل الإعلام والنخبة فى حق محمد صلاح، وقد تحولوا بأفعالهم إلى دبة هائجة ربما من شدة فرحتها أو رغبتها فى استغلال شهرته ونجوميته تقتل نجم ليفربول والمنتخب المصرى.
لا شىء أقبح من فعل السخرية الذى يمارسه الجمهور المصرى ضد زوجة محمد صلاح، ذات مرة تتفقد الهاتف فتبدأ حملة سخرية تحت شعار الزوجة المصرية الغيورة، ومرة تظهر فى كادر صورة عشوائى غير مبتسمة، فتبدأ حملة سخرية تصفها بالمرأة النكدية التى لا تستحق الزواج من محمد صلاح، هل يتوقع ملوك الاستظراف أن يكون صلاح سعيدا بتلك التعليقات أو بمحاولة مجاملته ونفاقه وتصفية حسابات الصراع بين المرأة والرجل على حساب زوجته؟
أمر الجمهور الساخر لا يختلف عن الجمهور الجاهل، وهو الجمهور الذى لا يعرف شيئا عن كرة القدم، ولكنه يمارس محبته للنجم المصرى بطريقة تضره أكثر مما تفيده، سواء بتحميله ما لا طاقة له به، أو وضعه فى مقارنات غير منطقية مع لاعبين آخرون يسبقونه سنا وعمرا فى ملاعب أوروبا، أو بالتصريحات العجيبة الخاصة بدخول جماهير ليفربول للإسلام بسبب أهداف محمد صلاح، وكأن مهمة صلاح أن يكون داعية دينيا، أو كأن الدين الإسلامى لعبة يلعب بها أصحاب هذا المنطق المعوج الذى يحمل اللاعب المصرى أثقالا على اعتبار أن تصرفاته ستتحول فيما بعد إلى موضع ملاحظة ونقد، إن كانت ستساهم فى دخول الناس إلى الإسلام أو إخراجهم منه.
على هامش هذا الهوس الجماهيرى يأتى أداء بعض السياسين والإعلاميين الذين يسعون لاستغلال جماهيرية صلاح أكثر كارثية وضررا على اللاعب نفسه، فلم يكن منطقى على الإطلاق أن يخرج أحد النواب ليصرح للصحف بأن صلاح كان يستحق جائزة اليونسكو أكثر من المصور شوكان فى دلالة على خلط مفاهم واضح لدى سيادة النائب استغلته بعض الصحف الأجنبية فى السخرية، وفى تحميل صلاح ما لا طاقة له به، أو كما فعل إعلامى شهير حينما صرح قائلا: بـ«أن محمد صلاح حصل على جائزة ميسى معرفش ياخدها»، وكان يقصد هنا جائزة أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى، وهو أمر يستغله الإعلام العربى والأجنبى فى السخرية من مصر بشكل ربما قد يشغل صلاح نفسه عن مهمته إن سقط فى فخ مطاردته بهذه الأشياء.
اتركوا صلاح فى حاله، يمارس مهمته ومهنته كلاعب كرة محترف هدفه حسن الأداء ومساعدة فريقه على تحقيق البطولات، لا تحملوا صلاح ولا نجاحه أى دلالات سياسية أو دينية تثقل كاهله وتقضى على مشواره أو تصيبه بالعطل والعطب، كما فعلتم مع نجوم مصريين كانوا قد طرقوا أبواب العالمية وخذلهم البعض من أهل مصر بتحميلهم ما لا طاقة لهم به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة