كل عام تتقدم الحكومة إلى البرلمان بأضخم موازنة فى التاريخ، هو المصطلح الذى تستخدمه كثير من وسائل الإعلام، والطبيعى أن تكون موازنة كل سنة هى الأضخم، لأن الاقتصاد ينمو ويكبر، وهو ما يعبر عنه الناتج المحلى الإجمالى وهو عبارة عن إجمالى قيمة ما ينتج داخل حدود الدولة، فإذا ما نظرنا إلى حجم هذا الناتج المحلى هل تزيد كل مصروفات الموازنة بالفعل كنسبة من هذا الناتج؟
المصروفات العامة تزيد بالفعل كأرقام أو كمبالغ، ولكن إذا ما قارناها كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى هنا يمكن أن نعرف مثل هل حقا تزيد الأجور زيادات كبيرة، أو هل تتضخم مصروفات الدعم؟ وهكذا، وهو ما سنحاول شرحه فى التحليل التالى.
وتستهدف موازنة السنة المالية المقبلة 2018/2019 ناتج محلى إجمالى قدره 5.250 تريليون جنيه، مقابل 4.106 تريليون جنيه خلال السنة المالية الحالية 2017/2018، وفى المقابل تستهدف الموازنة الجديدة إنفاق 1.4 تريليون جنيه تمثل 27.1% من الناتج المحلى الإجمالى، مقابل 1.2 تريليون جنيه بموازنة 2017/2018 تمثل 29.4% من الناتج المحلى المتوقع للسنة الحالية.
أرقام المصروفات بالموازنة الجديدة كما نرى تزيد بحوالى 200 مليار جنيه عن السنة الحالية، ولكن فى واقع الأمر المصروفات انخفضت كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى بحوالى 2.3% عن السنة الحالية، فما طبيعة المصروفات التى انخفضت فى الموازنة الجديدة؟ هذا ما سنوضحه بمجموعة من الرسومات البيانية من بيانات البيان المالى لموازنة السنة المالية 2018/2019.
الأجور
رغم أن قيمة الأجور فى الموازنة ارتفعت، ولكن قياسا إلى الناتج المحلى الإجمالى فهى انخفضت بالفعل، من 8.2% فى السنة المالية 2014/2015 إلى 5.1% فى السنة المالية الجديدة 2018/2019.
شراء السلع والخدمات
شراء السلع والخدمات اللازمة لتسيير دولاب العمل الحكومة لم يشهد ارتفاعا كنسبة من الناتج المحلى فى الموازنة الجديدة، فالنسبة لم تتغير عن العام الجارى، فى حين أنه مقارنة بسنة 2014/2015 فهى انخفضت بالفعل ولكن انخفاضا طفيفا من 1.3% إلى 1.1% من الناتج.
الفوائد
فوائد وأعباء الديون التى تتحملها الموازنة نتيجة زيادة معدلات الاقتراض تكاد تكون هى الباب الوحيد للمصروفات الذى يرتفع ليس فقط كقيمة وإنما أيضا كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، حيث قفز من 7.9% عام 2014/2015 إلى 10.3% متوقعة خلال السنة المالية 2018/2019، وهو ما أن فوائد القروض هى المصروفات الأكبر والأكثر سرعة فى النمو، وهو الوضع الذى يجب الإسراع فى السيطرة عليه.
الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية
تقليص حجم نفقات هذا الباب وهو الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، هو النجاح الأكبر الذى حققته الحكومة من خلال إعادة هيكلة مصروفات الدعم للمواد البترولية والكهرباء، ودون المساس بدعم السلع التموينية، وقد انخفضت مصروفات هذا الباب كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى من 8.2% فى السنة المالية 2014/2015 إلى 6.3% متوقعة فى 2018/2019.
المصروفات الأخرى
كباقى أوجه المصروفات تراجعت "المصروفات الأخرى" والتى تمثل مصروفات الدفاع والأمن القومى، كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى من 2.1% سنة 2014/2015 إلى 1.4% متوقعة فى موازنة 2018/2019.
شراء الأصول غير المالية (الاستثمارات)
الاستثمارت العامة شهدت تذبذبا كنسبة من الناتج المحلى صعودا وهبوطا، ولكن فى الموازنة الجديدة ارتفعت إلى 2.8% مقارنة بـ2.5% من الناتج فى السنة الحالية، وهى نفس النسبة التى سجلتها عام 2014/2015.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة