كل التحية والتقدير للجهود الكبيرة التى بذلها وما زال السيد الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم فى تطوير العملية التعليمية التى كادت تتحول بل تحولت بالفعل إلى كارثة حقيقية وأزمة مصيرية نالت من ثلاثة أو أربعة أجيال على الأقل .
فقد كانت شكوانا التى لم يستمع لها أحد من قبل عن ضرورة نسف المنظومة الفاشلة وإعادة بنائها بما يتناسب وتطورات الزمن وتطهيرها من الفساد العميق وإزاحة المافيا المتحكمة ذات المصالح المتشعبة محل اهتمام السيد وزير التربية والتعليم .
وما كاد أن يخرج علينا بصيغة جديدة متطورة تواكب مواصفات و معايير جودة التعليم على مستوى العالم إلا و بدأت المعوقات المعتادة تدلى بدلوها لتعطل كالعادة المراكب السائرة وتعود مجدداً بعقارب الساعة فى الإتجاه المعاكس !
فقد كانت أولى الإعتراضات :
اعتراض الدكتور محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف على تصريح الدكتور طارق شوقى بأنه يبحث دمج التعليم العام و الأزهرى جعل الأمور الدينية اختيارية، حيث يرى أن هذا الاقتراح من شأنه أن يهدم الشخصية المصرية التى يعتبر الدين إحدى مقوماتها وإن هذا الاقتراح سينشر الأمية الدينية وأن جعل المواد الدينية اختيارية سيجعل الطلاب يرفضون دراستها !
إذاً الخلاف هنا حول دراسة المواد الدينية اختيارياً وفقاً لاقتراح وزير التربية والتعليم وضرورة دراسة المواد الدينية بشكل إجبارى ضمن مناهج التعليم الأزهرى كى لا يتلاشى دور الأزهر كرمز للإسلام الوسطى بالعالم الإسلامى وفقاً لاعتراض عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف !
لكن أعزائى المختلفين؛ ولما لا يكون هناك بديلاً ثالثاً وحلاً وسطاً بين هذا الإقتراح من قبل وزير التعليم وذاك الاعتراض من الأزهر الشريف إن كنتم تبحثون عن الحلول لا العرقلة و التثبيط فحسب ألا وهو :"أن يتم بالفعل دمج نظامى التعليم "العام و الأزهرى "وأن تكون مادة الدين الأساسية إجبارية داخل المجموع الكلى للمواد الدراسية "لأن مادة التربية الدينية بعد ضرورة تطويرها وإعادة وضع مناهجها الصحيحة الخالية من القشور والخزعبلات التى وضعتها أيادى العابثين، بالفعل يجب أن تتم دراستها كمادة أساسية إلزامية حتى لا تكون مهملة كل هذا الإهمال بنظام التعليم العام والذى لا تدخل مادة الدين فيه بالمجموع الكلى، مما دفع غالبية الطلاب إلى إهمالها ووضعها على قائمة الإنتظار الدائم ربما إلى قبل الامتحان بساعات قليلة دون أدنى تحصيل فعلى!
ومن ناحية أخرى فإن نظام التعليم الأزهرى له ما له من إيجابيات وعليه ما عليه من سلبيات كثيرة قد تفتح الطريق أمام البعض للانسياق والاستقطاب إلى سبل التطرف من خلال بعض القائمين على وضع المناهج الدراسية ومن يقومون بتدريسها على نحو يستهدف تأثيرات معينة قد تؤتى أكلها على المدى الطويل للسنوات الدراسية وفى هذه الحالة عادة ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن !
نهاية أعزائى نحن نتحدث عن تطوير منظومة تعليمية ثبت بالقطع فشلها وتدهورها مدة عقود فعلينا جميعاً أن نفتح منابر للنقاش واستطلاع الرأى دون معوقات فى سير عملية التطوير وبما أننا بصدد تطوير الخطاب الدينى لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وبما أن ديننا هو دين الوسطية و الاعتدال فى جوهره فلم لا نقدمه للطلبة بالمدارس من مرحلة التعليم الأساسى إلى نهاية المرحلة الثانوية بشكلٍ جديد يليق بعظمته وسماحته، دون أن يكون مادة على الهامش خارج نطاق الاهتمام وخارج المجموع، بل يجب أن يتحول إلى مادة دراسية إلزامية تعيد تعريف الأجيال الجديدة بالدين الحق الخالى من المزايدات .
وتكون دراسة المواد الدينية المتخصصة "بجامعة الأزهر" بداية من المرحلة الجامعية فقط، بحيث يكون الطالب آنذاك ناضجاً بما فيه الكفاية ليختار بنفسه العلوم الدينية التى يود أن يتبحر بها و يدرسها دراسة متخصصة، وذلك بعد أن يكون قد تلقى القدر الكافى والمعرفة الصحيحة بالدين خلال مراحل التعليم المدرسية و لزيادة التأكيد "كمادة أساسية داخل المجموع .
وفقكم الله و كفاكم شر الخلاف وهداكم سواء السبيل .