ملأت حياتها الصغيرة بالأمل والعمل رغم الألم، تصنع كريمة يوسف بأناملها مشغولاتها اليدوية من الخرز والفصوص الملونة، والخيوط لصناعة بعض الملابس والمفارش المطرزة بإتقان مُحكم، ومؤخرًا صنعت بعض الشنط الجلدية ذات الألوان المُتباينة، مُتحدية المرض اللعين الذى أصاب ثديها من الجهة اليمنى وأدى إلى استئصاله وخضوعها للعلاج الهرمونى مُكتفية به لعدم حاجة حالتها للعلاج الكيميائى.
3 أعوام ونصف هى المدة التى قضتها "كريمة" صاحبة الـ44 عامًا بسلام مع السرطان، وتشعبه فى الجزء الأيمن من ثديها، ولم يقف الأمر بمجرد استئصال الثدى وإنما أخذ معه الغدد الليمفاوية بالذراع الموجود جهة الثدى، واصفة خلال حديثها لـ"اليوم السابع": "بقيت بتعامل مع ذراعى ده بعد الاستئصال كأنه حاجة أغلى من الذهب، وبحافظ عليه من الإصابة أو التعرض لجرح".
صناعة الخرز
تأتى السيدة الأربعينية إلى مستشفى علاج سرطان الثدى كل 3 أشهر تقريبًا للكشف الدورى بعد الجراحة التى أجرتها، وإذا وجدت الحالة الصحية غير مستقرة تذهب إلى الصرح الطبى من منطقتها السكنية بـ"المرج" إلى "الهرم" كل شهر تقريبًا للاطمئنان على صحتها، قاطعة تلك المسافة الكبيرة لزيادة وعيها بالمرض حتى تنتهى من العلاج الهرمونى والذى تبلغ مُدته 5 سنوات، "التعب علمنى كتير، والمعاناة كانت سبب كبير فى الاحتكاك بكثير من الناس الكويسة اللى ساعدتنى".
فانوس خرز
3 أولاد وزوج، هم الحياة الأولى التى تعزز لديها العيش دون التفكير فى المرض، بالجمع مع عملها وألمها تستطيع كريمة تنظيم وقتها فترى أن الأولى هو تربية الأبناء الثلاثة ورعاية زوجها، قائلة:" الحياة مالهاش طعم من غيرهم، ساعدونى كتير وبيشجعونى".
قالب كيك
"حابة أساعد المريضات بالمستشفى، وأعلمهم كل الأشغال اليدوية اللى بعملها بأيدى"، هكذا أرادت السيدة الأربعينية بتكوين جسر دائم بينها وبين المستشفى التى اعتبرتها صاحبة الفضل فى شفائها بعد معاونة الله لها خلال رحلة مرضها، حيث إنها أصبحت تُدرك تنفيذ الأعمال اليدوية من ملابس صوفية ومفارش متنوعة من الصوف عن طريق استخدامها إبرة "الكورشيه".
كورشيه
وبعد مرور فترة من الوقت قررت أن توسع تلك الموهبة من خلال تبادل المنفعة بدار الضيافة التى يجتمع به عدد كبير من السيدات ربات المنزل، والعاملات أيضًا، قامت خلال تلك الورش بتعليم "الكورشيه" لعدد كبير، وتعليمها أيضًا على إيدى أخريات "الخرز" مُنذ 4 أشهر فقط، من خلال تشكيله لتكوين بعض الاحتياجات المنزلية أو الإكسسوارات الملونة.
اتفقت كريمة مع إدراة المتطوعين بالمستشفى لتنفيذ هذا العمل التطوعى الإنسانى، إيمانًا منها بمساعدة الغير، حيث إن هناك العديد من المريضات يقضين أغلب أوقاتهن بالمستشفى دون شغل هذا الفراغ بعمل نافع، قد يساعدها فيما بعد فى تكوين مصدر رزق دائم، فعلى الرغم من ذهابها إلى المستشفى لكشفها الدورى ومتابعة الحالة الصحية لديها إلا أنها بإمكانها التواجد الدائم من خلال التنسيق بأوقات محددة تستطيع من خلالها المساعدة بتشجيع عدد من المتطوعين داخل الصرح الطبى.
وتسعى السيدة الأبعينية خلال الفترة المُقبلة، أن تصنع من خلال مجموعة من السيدات التى تعرفت عليهن فى "دار الضيافة"، أسورة من الخرز تحمل شعار مستشفى علاج سرطان الثدى، رغبة منهم فى تمييز السيدات المريضات بسرطان الثدى وبالأخص الحالات التى أدت إصابتها إلى استئصال الثدى والغدد الليمفاوية، أثناء تواجدهن فى الشارع فى حالات الإغماء، حتى لا يتعرضن لأى جرح فى تلك المنطقة.
خرز
خرز
وحكت "كريمة" موقف تعرضت له سيدة صديقتها مريضة بنفس المرض، نتيجة لإغمائها فى الشارع قام المتواجدون معها بنقلها إلى المستشفى وتركيب محاليل لها فى الذراع المصابة، حيث أدى ذلك إلى مضاعفات متعددة فى حالتها الصحية، لأنه لايجب أن يوضع أى محاليل أو الإصابة بجرح أو حرق "الأسورة دى هتساعد كتير من الستات المريضات، علشان ميتعرضوش لأى مضاعفات خطر فى حالة الإغماء فى الشارع".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة