كريم خالد عبد العزيز

"الجبل المقدس"

الأحد، 29 أبريل 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إنه بقعة مقدسة على أرض مباركة، يطل على صحراء يهوذا من ناحية الشرق وعلى جبال القدس من ناحية الغرب، فيعتبر المنطقة الفاصلة بين الموت والحياة، الموت الذى ترمز إليه الصحراء القاحلة، والحياة التى ترمز إليها ينابيع المياه وأشجار الزيتون.. إنه طور زيتا أو جبل الزيتون المقدس الذى يطل على أورشاليم المباركة، ومنه ترى ساحة المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة.
 
هذا الجبل يعتبر واحداً من أهم المقدسات اليهودية.. لأن العهد القديم من الكتاب المقدس يذكر أن الرب ظهر لحزقيال النبى فى رؤياه على هذا الجبل، وظهر لزكريا بروح النبوة واقفاً على هذا الجبل شافعاً فى شعبه، ويذكر الكتاب أيضاً أن النبى داود صعد على هذا الجبل عارى القدمين باكياً وهارباً أمام ابنه أبشالوم الذى ثار ضده وأحدث انقلاباً على مملكته بجيش كبير ليأخذ منه الحكم.. وحسب المعتقد اليهودي فإن هذا الجبل هو المكان الذي سوف يبدأ الله منه بإقامة الموتى فى نهاية الأيام، لذلك فإن اليهود طلبوا أن يدفنوا هناك فى أعالى الجبل، ومن أيام التوراة إلى يومنا هذا استخدم الجبل كمقبرة للعديد من اليهود.
 
أما فى المسيحية فيعتبر هذا الجبل من أهم البقاع المقدسة أيضاً، لأن السيد المسيح كان يتردد عليه مع تلاميذ ويكرز بالإنجيل هناك، وبحسب الأناجيل المسيحية كان يسوع يصلى ويبكى للآب على هذا الجبل قبل مجيء ساعة صلبه فى الجلجثة خارج أسوار أورشاليم، وكان هذا الجبل المكان الذى صعد منه المسيح بعد قيامته إلى السماء أمام التلاميذ ومن هناك أمرهم بأن يكرزوا بالإنجيل لجميع الأمم، ولذلك بنت الملكة هيلانة فوقه الكنيسة المعروفة بكنيسة الصعود، وهناك العديد من الكنائس والأديرة هناك.
 
فى الإسلام أيضاً يعتبر هذا الجبل من البقاع المقدسة، فلقد أقسم الله به فى القرآن الكريم ليميزه عن غيره من بقاع الأرض: "وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)" التين هو مسجد دمشق، والزيتون هو طور زيتا أى جبل الزيتون، وطور سينين هو جبل الطور بسيناء حيث كلم الله موسى، وهذا البلد الأمين مكة المكرمة.
 
وبعد الإسلام بزمن قصير ارتبط هذا الجبل بأحداث دينية وروحانية عديدة، فعليه عسكر الجيش الإسلامي عندما جاء لتحرير بيت المقدس من أيدي الرومان، وفيه أقام الخليفة الثانى عمر بن الخطاب، وفيه دفن جماعة من شهداء المسلمين، ومنهم الصحابي المشهور سلمان الفارسى، ولما قدمت صفية زوجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس صعدت عليه وصلت به.. وبين أشجار الزيتون التي تغطيه عرفت رابعة العدوية الأسعدية "أم الخير" ربها وتعبدت في زهد تام لسنوات عديدة، وعاشت علاقة حب مع الله، وكانت تكتب شعرا ومديحا لله، كأنه الحبيب الذى تناجيه كل ليلة، وأسست مذهب تصوف إسلامى وهو مذهب الحب الإلهى، حتى توفيت فى الثمانين من عمرها، ودفنت فيه فى مقبرة خاصة على رأسه.
 
ما أجمل هذا الجبل الذي يوحد الديانات السماوية الثلاثة في الاتفاق على قدسيته، وما أروع تلك المدينة التى توحد مقدسات اليهودية والمسيحية والإسلام على أرضها المباركة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة