اشتعلت السوشيال ميديا على مدار الأسبوع الماضى بمعركة بين صحفية كويتية والجماهير من مصر والوطن العربى حول النجمة القيمة نجلاء فتحى التى عيّرتها الصحفية بصورتها المنشورة، وكيف تقبل أن تظهر بعد أن كبرت دون نفخ أو شد، وبدا وكأن مصر عن بكرة أبيها خرجت تدافع عن نجلاء فتحى، وهم على حق ولم ينتبهوا إلى أن مثل هذه الصحفية، كما غيرها، تبحث عن الاختلاف ولفت الانتباه، ولكنها كانت فرصة لنثبت أننا نتمسك بكل صورة جميلة من الماضى مهما مر عليها الزمن فنجلاء فتحى التى اعتزلت منذ عقود هى جزء منا وقيمة لا يهدرها الكبر أو التجاعيد فهى مازالت وستظل جميلة جميلات الشاشة جيلاً بعد جيل.
وللحق تعجبت كيف بنا ونحن شعب بهذه القوة فى الدفاع عن تاريخه القريب نصمت تماماً أمام من يشوه ويسرق تاريخنا البعيد!
فى جريدة الأهرام نشرت الزميلة المجتهدة حنان حجاج تحقيقات، على مدى أيام بالصورة والمستندات، لجريمة تفكيك 55 منبراً أثرياً من مساجد مصر ونقل 65 قطعة أثرية أخرى إلى مخازن وزارة الآثار بناء على قرار مجلس الوزراء الذى يحمل رقم 110 بتاريخ 20/2/2018 بناء على طلب وزارة الآثار، بحجة حمايتها من السرقة ووضعها فى المخازن!!!
وعجباً أنى تابعت السوشيال ميديا لعلى أجد هَبةً مصرية شعبية من أجل تفكيك التاريخ ووضعه فى المخازن، فلم أجد إلا صوتا أو اثنين وأنا من بينهم يصرخون بأغنية سيد درويش التى كتب كلماتها المبدع بديع خيرى فى منتصف عشرينيات القرن الماضى «سرقوا الصندوق يا محمد لكن مفتاحه معايا» ولكننا عفوا يا بديع زمانك غيرنا كلماتك فقلنا «سرقوا الصندوق يا محمد وحتى مفتاحه مش معايا!».
فجميعنا يعرف أن كل سرقة تراثنا وحضارتنا تبدأ من نقلها للمخازن، ولعل الشىء بالشىء يُذكر والمخازن بالمخازن تذكرنا بقاعدة تمثال التحرير التى كانت من الجرانيت، وكان الملك فاروق قد بناها لتكون قاعدة لتمثال الخديوى إسماعيل الذى أرسل إيطاليا لصناعته، ولكن قيام ثورة يوليو 52 أوقف المشروع، وظلت هذه القاعدة قابعة فى وسط الميدان حتى عام 1982 حين بدأ تنفيذ مترو الأنفاق فذهبت إلى المخازن آنذاك على أن تعود بعد انتهاء العمل وانتهى العمل وقامت ثورات وثورات ولم تعد القاعدة التاريخية ووضع مكانها خازوق علقوا عليه علم مصر.
ما أكثر أغنياتنا التى تطنطن بالوطنية وما أكثر مسؤولينا الذين يخرجون علينا ليل نهار مهاجمين الخائنين بيننا، فماذا نقول عن قرار مجلس الوزراء الذى قنن سرقة التاريخ؟
يا سادة تحيط بنا دول ظهرت منذ سنوات معدودة تشترى التاريخ بالمليارات وتدعى حضارات لم تعشها، أما نحن أهل الحضارة والتاريخ فنقنن البحث عن مخازن نشون فيها تاريخنا استعداداً للسرقة، أى عار ذاك الذى تحملونه لنا ولأجيال لن تروها ولكنها ستلعننا لأننا فرطنا فى حقهم فى التاريخ؟!
ولم يلف الصمت فقط السوشيال ميديا، ولكنه لف حباله على صوت رجالات البرلمان، فلم أرَ أو أسمع من بينهم من انتفض ووجه سؤالاً لوزير الآثار، ولكن يبدو أنهم سيشاركوننا فى أغنية سيد درويش ككورس فالشعب: سيغنى سرقوا الصندوق يامحمد والنواب يردون: وحتى المفتاح مش معايا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة