بالطبع، هناك ازدواجية ونفاق دولى تجاه قضايا العرب، ولا يتوقع أن يتحرك العالم بمنظماته للدفاع عن الفلسطينيين فى مواجهة آلة القتل الإسرائيلية. لكن هذا النفاق والازدواجية، تجد مبرراتها فى نفاق وإجرام تمارسه دول تزعم أنها تدعم القضية الفلسطينية، وتمارسه فصائل تزعم أنها تتحدث باسم الفلسطينيين. بينما الواقع يكذبهم.
كل من يتابع الوضع فى سوريا يعرف كيف لعب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان دورًا من البداية فى تدمير سوريا، وكانت تركيا بوابة دخول وخروج الإرهابيين من القاعدة وداعش، وكيف تحالف وتعاون بلال أردوغان ابن الرئيس التركى مع داعش فى صفقات النفط السورى المسروق، وكانت قوات الجيش التركى تتجاور مع داعش وتنسق معها. وأخيرًا استغل الجيش الأردوغانى الظروف وغزا عفرين فى سوريا بحجة مطاردة الأكراد، وقصف وقتل المدنيين، وانتشرت صور وفيديوهات للقوات التركية تنهب عفرين وتسرق المنازل والسيارات، وتقتل المدنيين السوريين فضلًا عن مئات الأكراد.
وبينما كان أردوغان يستعرض قواته الغازية فى عفرين، كان الجيش الإسرائيلى يقتل الفلسطينيين العزل فى مظاهراتهم السلمية إحياءً لذكرى يوم الأرض الـ43، وتأكيدًا على تمسكهم بحق العودة، سقط 17 شهيدًا فلسطينيًا برصاص الجيش الإسرائيلى. بينما يحتفل أردوغان بقتل المدنيين فى عفرين أصدر بيانًا يعاتب رئيس الوزراء الإسرائيلى يقول أردوغان لنتنياهو «ليس هناك من يحبك بصدق فى هذا العالم»، وهنا رد نتنياهو متهكمًا على أردوغان «من يحتل شمال قبرص، ويغزو المناطق الكردية ويذبح المدنيين فى عفرين، لا يحق له أن يعظنا بالقيم والأخلاق.. لن نقبل دروسًا فى الأخلاق ممن يقصف المدنيين بشكل عشوائى منذ سنوات». لقد منح الإجرام الأردوغانى بنيامين نتنياهو فرصة المزايدة والمقارنة بين من قتلهم الجيش الإسرائيلى المجرم من الفلسطينيين، والمئات الذين قتلهم أردوغان فى سوريا وغيرها.
المفارقة الأكثر إثارة أن نجد فلسطينيًا ممن يواجهون الاحتلال ويفترض أنهم ضد العدوان والغزو، يمتدح إجرام أردوغان ويعتبره انتصارًا، وهو ما فعله خالد مشعل رئيس المكتب السياسى السابق فى حركة حماس، حينما أشاد بسيطرة الجيش التركى على عفرين السورية، واعتبرها «نموذجًا للإرادة التركية».. وقال مشعل خلال حفل نظمته جمعية تركية «النصر فى عفرين كان نموذجًا للإرادة التركية، وإن شاء الله سنسجل ملاحم بطولية لنصرة أمتنا».
ويبدو مشعل وكأنه يقدم لإسرائيل مبررات العدوان، ويشيد بالجنون التركى فى غزو عفرين وقصف، ويفترض أنه يمثل شعبًا يواجه احتلالًا إجراميًا.
حركة حماس وخالد مشعل كان مكتبهم الرئيسى فى دمشق، وسوريا أول من استضاف الحركة ودعمها، لكنهم انقلبوا على السوريين وانضموا إلى خصومه، تمامًا مثلما انقلب أردوغان، وتحالف مع داعش والقاعدة ودعم الطائفية والعرقية والإرهاب بكل أنواعه، ويجد تأييدًا ودعمًا من خالد مشعل وحماس ليمنح نتنياهو مبررًا لإجرامه.
مشعل وزملاؤه وفصائل فلسطينية هم من قسموا الشعب الفلسطينى وساهموا فى إضعاف صورة القضية، وهم مستفيدون من الانقسام والتشرذم. وأن مصالحهم الفردية تستمر وتكبر من اللعب على الحبال، وعقد الصفقات. هؤلاء هم من يضيعون القضية وبسببهم تراجع الحماس للقضية لأنهم يقدمون مصالحهم وانتهازيتهم، على القضية الأهم. ويجد نتنياهو فى الإجرام التركى مبررًا للإجرام الإسرائيلى. ويتباريان: من الأكثر إجرامًا وقتلًا للمدنيين والعالم يتفرج على كل هذا ويمارس ازدواجيته ونفاقه مع المجرمين فى أنقرة وتل أبيب.