لم يظل بيننا كثيرًا، فاكتفى بـ43 عامًا فقط هى كل عمره، وكأنه أراد أن يكون ضيفًا خفيفًا، لكنه ثقيل الموهبة والإبداع، فلم يكن مجرد قاص أو كاتب للقصة، بل كان يكتبها شعرًا فعرف بشاعر القصة القصيرة، هو الكاتب والقاص الكبير الراحل يحيى الطاهر عبد الله، الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ80، إذ ولد فى 30 أبريل عام 1938، ورحل مبكرًا فى 9 أبريل عام 1981.
يعرف عن يحيى الطاهر عبدالله أن أول من قدمه كان الكاتب والروائى الكبير يوسف إدريس فى مجلة (الكاتب) ونشر له قصة "محبوب الشمس" بعد أن قابله واستمع إليه فى مقهى ريش، وقدمه أيضًا عبد الفتاح الجمل فى الملحق الأدبى بجريدة المساء ما ساعد على ظهور نجمه كواحد من أبرز كتاب القصة القصيرة، وكتب يحيى الطاهر بعض القصص لمجلة الأطفال (سمير).
يحيى الطاهر عبدالله
كما أن يوسف إدريس كان من أوائل الذين رثوا "يحيى" بعد وفاته على إثر حادث سير فى طريق الأقصر، بعدما كتب عنه مقالا نشر فى جريدة الأهرام تحت عنوان "النجم الذى هوى" قائلا "حين رأيته كان قادماً لتوه من أقصى الصعيد من قرية الكرنك بجوار الأقصر وكان نحيلاً كعود القمح حلو الحديث والمعشر كعود القصب فتان القامة والبنية واللمحة وذلك الخجل الصعيدى الشهم الذى لا تخطئة عين".
يوسف إدريس
لكن على الرغم مما سبق، يبدو أن رأى يوسف إدريس كان له رأى آخر فى كتابات يحيى الطاهر عبد الله، فبحسب ما ذكره الشاعر والناقد شعبان يوسف، فى كتابه "ضحايا يوسف إدريس وعصره"، مستشهدا فى البداية بما كتبه فى تقديمه لقصة محبوب الشمس فى مجلة الكاتب عام 1965، قائلا "كنت أفضل ألا أنشر ليحيى الطاهر عبدالله هذه القصة، بل كنت أفضل فوق هذا ألا أنشر ليحيى ما يكتبه الآن، فهذا الشاب الصعيدى النحيف الأسمر الساخط على القاهرة والمدينة وكل شىء، يقوم كما سترون على اللمحات الخاطفة فى هذه القصة بمغامرة فنية قد يجازى فى نهايتها بلون فريد من ألوان القصة قد يتميز به وقد لا يخرج بشىء بالمرة، لكنى من أنصار المغامرة فالحياة نفسها مغامرة كبرى لا تخرج منها بشىء لكن معظمنا أيضا يكسب لذة الحياة المغامرة نفسها، كنت أفضل ألا أنشر له الآن لكن يحيى مثل الجيل الجديد جدا من الكتاب سريع التبرم بالأشياء، وأولها قلة النشر سريع فى اتهاماته وأولها أن الناس لا تريد أن تفهمه ولا تقوى على طريقته فى الكتابة".
ضحايا يوسف إدريس وعصره
ثم خاض شعبان يوسف فى كتابه فى موقف آخر، حدث بعد رحيل يحيى الطاهر، عندما قام بعد الأدباء بتشكيل لجنة لتكريم الراحل، لم يكن عضوا فيها إدريس، مما أغضبه بشدة وقال حينها للروائى يوسف أبو رية "كأنكم ضد انضمامى إلى لجنة تكريم يحيى، رغم أننى أول من سعى من أجل بنتيه وزوجته، يحيى غير معروف لأحد وكنت أريد أن أعيد طبع كتبه طبعة شعبية ليعرفه الناس، وتذيع له الإذاعة ويمثل له التليفزيون، كل ذلك لن يحدث لأننى طردت من اللجنة فافعلوا أنتم ما تقدرون عليه"، وعندما سأله أبو رية عن أدب يحيى، قال له "يحيى ليس بالإنجاز الكبير، ولكنه يمثل خطا له خصوصية فى القصة القصيرة، فهو ليس بالكاتب الكبير، أنا فقط أحسن كاتب قصة فى العالم، ويشهد على ذلك الأجانب الذين ترجموا قصصى وكتبوا عنى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة