يوسف أيوب

لماذا لن يحدث صدام عسكرى بين إيران وإسرائيل؟

الإثنين، 30 أبريل 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سألنى أكثر من صديق لماذا أتجاهل التهديدات الإسرائيلية لإيران خلال تناولى لما يثار حاليا بشأن الاتفاق النووى الإيرانى الذى يقول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إنه بحاجة للتغيير، وانضم له مؤخرا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الذى قال فى البيت الأبيض قبل أيام بعد محادثات مع ترامب: «نأمل اعتبارا من الآن العمل على اتفاق جديد مع إيران»، يتضمن ثلاثة عناصر إضافية هى برنامج طهران الصاروخى الباليستى، والنفوذ الإيرانى فى الشرق الأوسط، وما سيحصل بعد عام 2025 المحدد فى الاتفاق الحالى، والذى ستتمكن بعده إيران من استئناف جزء من برنامجها النووى بشكل تدريجى.
 
الإسرائيليون يبدو من تصريحاتهم الأخيرة، أنهم غاضبون بشدة من الاتفاق النووى، ويقفون خلف ترامب فى دعوته لتعديله أو إلغائه كلية، وسمعنا الكثير من التصريحات لمسؤولين إسرائيليين مهددة إيران، منهم وزير الدفاع الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان، الذى هدد بأن تضرب بلاده أى محاولة إيرانية «لتموضع عسكرى» فى سوريا، وقال «إذا هاجم «الإيرانيون» تل أبيب فسنضرب طهران».
 
كما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لتعديل الاتفاق أو إلغائه، مع اقتراب نهاية مهلة ترامب لتصحيح الاتفاق الموقع فى 2015 والذى رفعت بموجبه العقوبات ضد إيران مقابل الحد من برنامجها النووى، حيث حدد ترامب 12 مايو المقبل مهلة أخيرة لتصحيح عيوب هذا الاتفاق، وقال نتنياهو إن «إسرائيل لن تسمح للأنظمة التى تسعى لفنائنا بالحصول على أسلحة نووية، لذا فإن هذا الاتفاق إما أن يعدل كليا أو يلغى كليا»، موضحا فى الوقت نفسه أن الاتفاق يجعل طهران قادرة على إعادة إحياء برنامجها النووى بسرعة لإنتاج أسلحة نووية، وإنه «يعطى إيران طريقا واضحا لترسانة نووية، إنه يسمح فى خلال سنوات قليلة بتخصيب غير محدود لليورانيوم العنصر الرئيسى اللازم لإنتاج قنابل نووية».
 
بمراجعة كل التصريحات الإسرائيلية سنجد أنها فى مجملها مجرد أحاديث للاستهلاك الإعلامى فقط، فهى تحمل نوعا من الطلب وربما الضغط على واشنطن لكى تستمر فى نهجها المناهض للاتفاق، والساعى لتعديله أو إلغائه، لكن لم يصل الأمر إلى درجة التهديد بصدام عسكرى، وهو أمر من وجهة نظرى مستبعد وغير متصور، لسبب بسيط وهو أن المصالح بين إسرائيل وإيران مشتركة حتى وإن اختلفت الآليات، وهناك أحاديث متواترة عن تعاون أمنى ربما خلف الكواليس بين طهران وتل أبيب، فى عدد من الملفات، وهو ما يؤكده على سبيل المثال أن إسرائيل دائماً ما تستخدم لغة التهديد ضد إيران التى ترد هى الأخرى بلهجة مشابهة، لكننا لم نصل فى أى مرة من المرات إلى درجة الصدام.
 
ربما يكون الصدام الوحيد العلنى بين الجانبين تعلق بسوريا حينما نفذت إسرائيل ضربات استهدفت مواقع سورية أو شحنات أسلحة قالت إن مصدرها إيران وكانت موجهة إلى حزب الله اللبنانى، وأيضا ما حدث فى فبراير الماضى عندما أعلنت إسرائيل أن طائرة مسيرة إيرانية اخترقت مجالها الجوى ما أدى إلى أول مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران على الأراضى السورية، وفى التاسع من إبريل الجارى اتهمت دمشق الطيران الإسرائيلى بالإغارة على قاعدة جوية تقع فى وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل 14 شخصا بينهم إيرانيون، ومع ذلك لم ترد إيران على ما حدث، مكتفية بتصريحات فقط، لكنها على الأرض ألتزمت الصمت، وكأن هناك تفاهما حدث بين الجانبين ألزم طهران الصمت.
 
كل الشواهد تؤكد أن هناك تفاهما غير مباشر بين إسرائيل وإيران مفاده أنه ليس من مصلحتهما الصدام، وليس من المستبعد أيضا حدوث حوارات بينهما بشكل غير مباشر، وقد تتطور مستقبلا إلى الشكل المباشر، وما يدعم ذلك ما سبق وأشرت إليه من صمت إيرانى على الغارات الإسرائيلية فى سوريا والتى كان من نتائجها مقتل إيرانيين واستهداف أسلحة إيرانية، فضلا عن حالة الهدوء التى تسيطر على الجبهة اللبنانية، بل إن حليف إيران فى لبنان، حزب الله، حول وجهته من انتقاد إسرائيل إلى السعودية، وكأنه تلقى إشارة من طهران بذلك.
 
بالتأكيد فإن إيران لا تتسرع فى إعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل علنى، لأنها ترى أن هذا إن حدث سينتقص من صورتها التى تحاول دوما تصديرها للعالم بأنها مناصرة للقضية الفلسطينية، وداعمة لكل فصائل المقاومة، لذلك فهى ستسعى دوما إلى إيجاد وسائل اتصال عبر قنوات سرية أو غير مباشرة مع تل أبيب، لأنها فى الوقت الحالى تريد ترتيب أوضاعها، وترى فى الوقت نفسه أن إسرائيل ليست بعيدة عنها ولا عن أفكارها.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة