حنان شومان

للراقصين حول النار انتبهوا..

الخميس، 05 أبريل 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسل لى صديق، بعض صفحات من رواية علاء الأسوانى، الأحدث، «جمهورية كأن»، وهى الرواية التى أصدرتها إحدى دور النشر اللبنانية، وبالتالى فأنا لم أقرأها كاملة، ولكن هالتنى اللغة التى كتب بها بعض تعبيرات على لسان أبطاله، فبدا لى وكأنى أقرأ صفحات من كتاب بورنو، وتابعت بعدها جدلًا على مواقع التواصل الاجتماعى حول ذات الأمر، وتلك هى الحكاية التى يجب لكل المجتمع أن يتوقف عندها، فقد تراوحت الآراء ما بين من يدعو بإصرار على محاكمته وبين من يسب فى أصحاب هذا الرأى لاختلافهم السياسى.
 
إذًا نحن أمام رواية أدبية أو كما يقال عمل إبداعى فردى، أى ما كان مستواه، ولكنه يخضع لتقييم لا علاقة له بالتقييم الأدبى أو الفنى لكن العوام أخضعوه للتقييم السياسى حسب موقف صاحبه من قناعاتهم، حتى صانع العمل نفسه علاء الأسوانى بدأ حملة على السوشيال ميديا ليحول المعركة حول روايته إلى معركة سياسية ليبدو فيها شهيد الحرية والسياسة، وتلك هى الآفة التى أصابت المجتمع المصرى فصارمجتمعًا متعصبًا فى غير محل.
 
علاء الأسوانى مجرد مثال لعشرات بل آلاف من الأمثلة المحيطة بنا، فهو شخص متطرف فى خصومته يواجه آخرين متطرفين أيضًا فى خصومتهم له، والعجب أن الخصومة بينهم سياسية ولكن على سطحها تتحول لخصومة أدبية وإن كان لا علاقة لها بالأدب أو الفن.
 
نفس الأمر يحدث فى الإعلام فلو أن هذا المذيع أو ذاك يردد ما تردده أنت فهو إذًا مذيع وإعلامى عظيم، بينما قد يكون شخصًا لا علاقة له بالمهنية ولا بأبسط قواعدها، ولكن أنت ترفع من شأنه فى غير محل لأنه يردد موقفك السياسى.
 
نفس الأمر يتكرر فى عالم الفن والسينما فهذا ممثل عظيم ورائع لأن رأيه السياسى يشبه رأيك، بينما قد يكون كممثل أو مخرج متواضع المستوى، ولكن مغفور له خطاياه الفنية أو ملعون فنه حتى لو كان عظيمًا لمجرد الاختلاف السياسى.
 
فرقتنا السياسة ولم يعد هناك من نجتمع عليه ونرقص على أنغامه إلا توافق سياسى ولو تعلمون فهذه كارثة تطيح بأى مجتمع من جذوره.
أنا لا أقبل أدبًا مثل ما يطرحه علاء الأسوانى ولكنى أرفض تقييمه من منطلق سياسى، وأعلم جيدًا أن الأيام المقبلة ستحمل بعضًا من المحامين الغاويين شهرة لرفع قضايا عليه، وسيحول الرجل نفسه لشهيد للحرية، فهو والمختلفون معه سيدخلون فى معركة يستغلونها فى غير محلها، وكأن ليس فينا رجل رشيد وكأننا فقط مجتمع يرقص حول النار دون أن يدرك أنها فى لحظة ستمسك تلك النار بملابسهم جميعًا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة