وأضاف فى كلمته التى ألقاها فى "اليوم القومى الثانى لأطفال التشوهات الخلقية"، أن الإسلام اهتم بالإنسان فى جميع أحواله منذ صغره، ومنذ أن كان طفلًا صغيرًا لا يعى من أموره شيئًا ولا يهتم بأمور دنياه، لكن الدين الإسلامى نظر إليه نظرة مرموقة تشوفًا إلى مكانته المشرقة العظيمة التى ستكون له فى المستقبل، فهم -أى الأطفال- آمال اليوم وأحلامه التى ستتحقق غدًا وستشرق فى دنيا الأمل، وتسعد بهم البلاد ويَنعَمُ بهم الأهل والعباد، جاء الإسلام ليرسخ في قلوب العالمين واجبات الرعاية والاهتمام الضرورى بهم، وتمثل ذلك فى أقواله صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ساووا بين أولادكم فى العطية».
وأوضح المفتى أن الله سبحانه وتعالى أمر بالعدل، كما أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قد أرسى الكثيرَ من التعاليم النبوية الرحيمة التى تحض على بناء الطفل ورعايته والاهتمام به وبصحته وبمستقبله، فكان صلى الله عليه وسلم ينادى الأطفال بما يليق بتكريمهم ويحملهم على عاتقه وعلى دابته ويعلِّمهم آداب الاستئذان والشجاعة، ويصحح بالحكمة مفاهيمهم ويربي عقولهم ويخفف عنهم أى مشقة تلحق بهم مراعاةً لطاقاتهم، ويثبِّت حقهم في طلب العلم وغير ذلك من أمور الدين والدنيا، حتى عند وفاتهم كان من رحمته صلى الله عليه وسلم معهم يبكى عليهم ويخصهم بالدعاء.
وأكد المفتى أن الإسلام لم يفرِّق بين طفل وآخر سواء على المستوى الدينى أو الإنسانى، فالأطفال كلهم سواء فى نظر القلوب الرحيمة، من وُلِدَ كامل الخلقة مُستقيم البنية أو من ابتلى ببعض دواعى الأمراض أو ببعض نقص فيما يبدو لنا في الخلقة، وإلا فكل خلق الله مهما كان في الظاهر يعتريه النقص، إلا أنه في الحقيقة مخلوق على وجه الكمال والتمام كما قال الله عز وجل: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4]، وهذا على عمومه لا استثناء فيه أبدًا.
وقال : "فى الحقيقة هذا لا يُعد نقصًا وإنما هو كمال للبشرية كى يتعاون بعضها مع بعض على البر والتقوى وفعل الخير، وتتآزر كى تدمج أصحاب تلك الظروف في المجتمع بشكل عام، وهذا الدمج يُعدُّ تكاملًا للمجتمع وإشعارًا لجميع أفراده وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة بأنهم مؤهلون لكل شيء، وأنهم أعضاء فاعلون في هذا المجتمع. وهذا يعد من التطبيق الفعلي لما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم من الاستقواء بالضعفاء عند الشدائد كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما تنصرون بضعفائكم»، وهي نظرة تنتج لدينا مفهومًا مغايرًا لما عليه المفاهيم المعروفة الخاطئة لقضية أصحاب الظروف الخاصة، فهي تنظر إليهم على أنهم أعضاء مستهلكون وليسوا أعضاء فاعلين منتجين، بل إن النظرة الصحيحة تجعلنا نضع لهم مناهج محددة تختص بتدريبهم وتثقيفهم واستثمار ما لديهم من قدرات ومواهب ليشاركوا في تنمية المجتمع في جميع المجالات".
وتابع مفتي الجمهورية: "إن المجتمعات المتحضرة لا سيما المجتمعات التي تتمسك بدينها لهي أجدر وأقدر المجتمعات على دمج تلك الفئات أصحاب الظروف الخاصة في مجتمعاتهم بشكل فاعلٍ بنَّاءٍ، وإن تعاليم الأديان السمحة إسلامية كانت أو مسيحية لتحضنا على الرحمة والتكافل والتكاتف والتعاون على البر والتقوى، وتوفير المناخ الصالح لرعاية هؤلاء الرعاية الخاصة طبيةً كانت أو نفسيةً، وكذا إعادة تأهيلهم لكى يصبحوا ذويى تأثير وفاعلية ونفع لأنفسهم ولأوطانهم وللبشرية عامة".
وأضاف: إن الذي نَصْبُو إليه لهو جانب عظيم من جوانب الدين يتمثل في رحمة الناس بعضهم ببعض أيًّا كانت ظروفهم، والتعامل مع أصحاب هذه الحالات الخاصة بنفس طيبة راضية لا فرق بينهم وبين غيرهم البتة، لهم ما لهم من الحقوق العادية التي يستحقها كل إنسان بل لهم حقوق زائدة على تلك الحقوق العادية؛ نظرًا لتميزهم عن غيرهم، وينبغي كذلك أن ينظر إلى هؤلاء الأطفال وإلى عقولهم المنيرة وإلى قلوبهم الطيبة الغضة المشرقة وإلى الجمال الحقيقى الذى أودعه الله فيهم باعتبار أن كل خلق الله حسن جميل، على أنهم في القمة من اهتمامات هذا المجتمع الرحيم كما علَّمنا ديننا الحنيف وكما فهمنا من مصريتنا ووطنيتنا، ومن تجربتنا الرائدة في مجال العمل الخيرى والاجتماعى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة