بكل تأكيد نحن لا نعارض عمل البعثات الأجنبية بالمواقع الأثرية، لأن فى النهاية مصر هى المستفيدة، حيث تتحمل البعثات جميع نفقات الحفائر، وتعمل على اكتشاف الكثير من الآثار التى لا تزال مدفونة تحت الأرض، إضافة إلى الترويج لتلك المكتشفات عبر الدراسات ووسائل الإعلام الأجنبية، كما أننا لا ننكر جهود وزارة الآثار فى التعاون مع تلك البعثات ومتابعتها، لكن من واجبنا أن نلفت الأنظار إذا ما كانت هناك مخالفات، لأننا مصريون ولكل مصرى الحق فى الغيرة والحفاظ على تراثه القديم، وثانيا أن الصحافة والإعلام تساعد على كشف التقصير إن وجد أو الإشادة بمجهود عظيم إذا وجد أيضًا.
حدثنى أحد الأثريين ذات يوم، وهو غاضب، وقال لى إن البعثة الألمانية التى تعمل فى جزيرة الفنتين منذ حوالى 47 عامًا تثير العديد من الشكوك حولها، ولمن لا يعرفها هى البعثة نفسها التى قامت برسم نجمتى داود على إحدى البلوكات الحجرية فى مدخل معبد أوزير نسمتى البطلمى بجزيرة الفنتين غرب النيل بأسوان فى سنة 2016، وعلى إثر ذلك قامت وزارة الآثار بتحذير البعثة بإلغاء عملها حال تكرار الواقعة.
وأوضح الأثرى - الذى رفض ذكر اسمه - حدثيه قائلا: "من الواضح أن البعثة الألمانية تريد أن تزعزع التاريخ المصرى القديم وتحدث بلبلة كبيرة غير حقيقية، فهى تقوم بعمل مستنسخات أثرية محتفظة بها داخل جزيرة الفنتين، وهذا مخالف لقانون حماية الآثار، خاصة المواد 142، 143، 144، 145، 146، 147، من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، والتى تنص على أن المجلس الأعلى للآثار وحده المنوط بإنتاج نماذج مقلدة للآثار دون غيره، فكل هذه الأمور لا بد أن توضع بعين الاعتبار لتشديد الرقابة على البعثات المخالفة.
كما أكد الأثرى أن البعثة الألمانية تفعل ما تريد داخل الموقع الأثرى، حيث تقطن فى بيت يتجاوز مساحته 1000 متر، ويسمى البيت الألمانى، والغريب أن هذا المنزل لا يخضع للوزارة، وذلك لعدم وجود حراس تابعين للوزارة، بل الحراسة الموجودة حراسة خاصة سواء فى الجزء الخاص بالألمان أو فى الجزء الخاص بالسويسريين، حيث يوجد منزلان فى الجزيرة الأثرية أحدهم للألمان، والآخر للسويسريين.
كما أكد الأثرى أن يوحنا زيجل، مديرة البعثة الألمانية، تسيطر على كل هذه المساحة الضخمة، وغالبية هذا المنزل حجرات لضيوف البعثة الذين يدخلون خلسة إلى الجزيرة دون علم المنطقة.
وبسؤالنا حول ما إذا كان هناك أثريون من قبل وزارة الآثار، قال الأثرى: "إن الغريب فى الأمر أن المفتشين أنفسهم ليس لهم الحق بالمرور على هذه المنازل التى تقع من المفروض ضمن المنطقة الأثرية، كما أن المفتشين لا توجد حتى حجرة واحدة مخصصة لهم، فى حين أن الوزارة تسمح للبعثات بمساحات كبيرة جدًا لرفاهيتهم ولا تشرف عليها ولا تخضعها للمناطق الأثرية، ويعد ذلك مخالفًا لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمادة رقم 29، والتى تنص على أن المجلس الأعلى للآثار يتولى الحفاظ على المناطق الأثرية والمبانى التاريخية ويتولى حراستها، ويضع المجلس حد أقصى لامتداد كل تفتيش للآثار بما يكفل سهولة التحرك فى المنطقة ومراقبة آثارها.
وفى نهاية حديث الأثرى طلبت منه إرسال صور حتى يكون الموضوع موثقًا، وكى نتأكد من صحة تصريحاته وضمان عدم وجود خصومة شخصية بينه وبين أحد من القيادات بالوزارة، وبالفعل أرسل مجموعة من الصور التى تؤكد كلامه.
ولحق الرد تواصل "اليوم السابع" مع الأثرى عبد المنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان، وتوجهنا له بعدة أسئلة أولها ما امتداد تفتيش منطقة آثار الفنتين، وهل هذه المبانى التى تقع تحت سيطرة الألمان ضمن حدود المنطقة الأثرية؟ وإذا كانت هذة المنازل ضمن حدود المنطقة الأثرية فهذا يعنى أنها ملك للمجلس الأعلى للآثار فهل هناك عقود إيجار بين البعثة والمجلس؟
قال مدير عام آثار أسوان: "إن هذه المبانى يسكنها أفراد البعثة الألمانية والسويسرية، كما أن هناك مبانى أخرى بالكوم الأحمر تسمى بالبيت الأمريكى، ولكن بالفعل قمنا من جانبنا بمخاطبة وزارة الآثار لتحديد موقف تلك المبانى التى تم إنشاؤها بالموقع الأثرى، لتحديد موقفها، حيث إنه كان من قبل هناك مقترح بتأجير تلك البيوت لهم بمقابل مادى، لكن المشروع توقف خلال الفترة الماضية، وتم فتحه الآن، بواسطة إيمان زيدان معاون وزير الآثار للشئون المالية، وبدأنا فى إعداد ملف كامل بالتفاصيل، ومن المقرر تحديد الموقف لتحصيل إيجار من أفراد البعثة لرفع موارد الوزارة.
وحول عدم وجود خفراء حراسة من جانب وزارة الآثار لمراقبة الموقع الأثرى؟ أجاب عبد المنعم سعيد، أن المنطقة بها عدد من أفراد الحراسة التابعين لوزارة الآثار، وما يتداول من عدم وجود حراسة تابعة للوزارة غير صحيح على الإطلاق.
وردًا على وجود أشخاص تابعين للبعثة الألمانية بعد مواعيد العمل الرسمية، أكد مدير عام آثار أسوان، أنه قرر أثناء توليه مسئولية الموقع فى 16 نوفمبر الماضى، إصدار تعليمات لرئيس البعثة بأن العمل فى المنطقة بداية من الساعة التاسعة وحتى الرابعة عصرًا، وإذا تم دخول أى فرد عقب المواعيد الرسمية سيتم إنهاء عمل البعثة نهائيًا.
وعن وجود مستنسخات داخل الموقع الأثرى مخالفة لقانون حماية الآثار، قال عبد المنعم سعيد، إنه لا يوجد أى مستنسخ أثرى داخل الموقع، وكل مكتشف عن طريق الحفائر تم نقلها للمخازن المتحفية وإجراء أبحاث عليها.
وعن دخول الماعز للموقع، أشار إلى أن الموقع يقع بجانب مدينة النوبة، ويفصلها عنها سور، ومن الممكن مرور أى ماعز ولكن سرعان ما يقوم الخفير بإخراجها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة