سجال متبادل، وتهديدات لا تعرف نقطة نهاية.. بهذا المشهد آلت العلاقات الصينية الأمريكية إلى نقطة صدام مرشح للتصاعد بعدما فاجئ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الجميع قبل قرابة شهر، بفرض رسوم جمركية على السلع والمنتجات الصينية التى تدخل السوق الأمريكية فى خطوة اعتبرها أنصاره بمثابة محاولة لحماية المنتج الأمريكى ودعم الاقتصاد الذى يواجه العديد من التحديات، فيما يراه المعارضون بمثابة استعداء غير مبرر لقوى إقليمية بارزة لها دور فى العديد من ملفات الآسيوية ذات الأولوية القصوى لدى البيت الأبيض، وفى مقدمتها الملف الكورى الشمالى وترسانة بيونج يانج النووية التى تشكل تهديد للمجتمع الدولى بأكمله.
ترامب فى زيارته السابقة للصين قبل أشهر من الحرب التجارية بين واشنطن وبكين
وكعادته، اختار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التصعيد دون التفات لأى اعتبارات متغافلاً امتلاك الصين سلاحاً ربما يكون الأقوى فى الحرب التجارية التى اندلعت قبل أيام شرارتها الأولى بدخول فرض الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، حيث تعد الصين أكبر حامل سندات وأذون خزانة أمريكية عما سواها من الدول، وتستثمر فى هذه السندات مليارات الدولارات ما يجعلها الورقة الرابحة فى الحرب التجارية مع واشنطن.
وبحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، فإن استثمارات الصين فى السندات الأمريكية بلغت بحلول يناير الماضى 1168.2 مليار دولار، مقابل 1051.1 مليار دولار فى يناير من العام 2017، لتمثل حصة الصين بذلك من السندات الأمريكية ما يعادل 19% لتأتى فى صدارة الدول المستثمرة فى تلك السندات، متقدمة على دول مثل اليابان وفرنسا والمملكة المتحدة.
وزير الخزانة الأمريكى ستيفن منوتشين
وفى ظل الحرب التجارية التى تخوضها بكين ضد واشنطن تعد السندات "ورقة رابحة" إلا أن تداعياتها ستكون وخيمة على سوق المال العالمية، حيث قال المحلل جيف كلنجلهوفر، بمركز "ثورنبرج" للاستثمارات، إن السندات التى تمتلكها الصين بمثابة "قنبلة نووية" اقتصادية، قائلاً بحسب ما نشرته "روسيا اليوم" إن الصينيين إذا أرادوا سحب المفتاح النووى وقرروا التخلص من السندات، سيكون لذلك تأثيراً مدوياً على أسواق المال فى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن استخدام هذه الورقة سيؤدى إلى صدمة تؤثر سلباً على الاقتصاد العالمى بأكلمه.
وفى تلميح صريح لإمكانية استخدام ورقة السندات، قال السفير الصينى لدى واشنطن تسوى تيانكاى، إن تقليص بلاده لحيازتها من السندات الأمريكية رداً على التصعيد الأمريكى الأخير "وارد"، مؤكداً على أن بكين لن تقف مكتوفة الأيدى أمام قرار فرض رسوم جمركية إضافية على منتجاتها.
تسوي تيانكاي سفير الصين في واشنطن
وقال السفير تسوى تيانكايإن: "الصين تدرس كل الخيارات، ونعتقد أن الحمائية التجارية سوف تضر الجميع بما فى ذلك الولايات المتحدة نفسها، خاصة الحياة اليومية للمواطن الأمريكى العادى والشركات والأسواق المالية".
ووفق أرقام رسمية، تستحوذ الصين على 1.261 تريليون دولار من الأوراق المالية الأمريكية الحكومية، ما يعد أكثر 20% من مجموع الديون الخارجية لتصبح أكبر حامل لسندات الخزانة والدائن رقم واحد فى العالم للولايات المتحدة، بل قد يصل ما تستحوذ عليه الصين أكبر بكثير من هذه القيم المعلنة والمُسجلة، وهو ما يوضحه مايكل كيسى" فى كتابه التجارة غير العادلة Unfair Trade، حيث تقوم الصين بتحويل جانب من عملياتها فى السندات الأمريكية من خلال مصارف خاصة، أو عن طريق مديرى الاستثمار فى لندن.
ترامب يواصل التصعيد فى حربه التجارية مع الصين بلا هوادة
وتبلغ مجموع السندات المملوكة للحكومات الأجنبية قيمة 34% من إجمالى الدين العام الأمريكي، بقيمة 6.1 تريليون دولار، بينما يبلغ إجمالى الدين العام نحو 17.8 تريليون دولار، وهو ما يوازى تقريبًا 103% من مجموع الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى فى عام 2014.
وانخراط الصين فى إجراءات بيع السندات الأمريكية والتخلص منها، يعد أحد الخيارات الفعلية أمام الصين خصوصا بعد أن أصبح الدولار هدفا مباشرا لبكين كآلية لإعلان الحرب المالية ضد الولايات المتحدة، التى تتأرجح فى التهديد بحيث تستطيع تفادى الخسائر الضخمة التى قد تلحقها فى قيمة استثماراتها فى الدين الأمريكى.
السلع الصينية على موعد مع زيادات مهولة فى السوق الأمريكية بسبب الرسوم
يذكر أن واشنطن نشرت الثلاثاء الماضى قائمة من 1300 سلعة صينية تستورد منها الولايات المتحدة سنويا "ما قيمته 50 مليار دولار تقريبا"، تعتزم فرض رسوم جمركية إضافية عليها بنحو 25%، لترد بكين يوم الأربعاء بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% أيضا على 106 سلع أمريكية تستوردها الصين سنويا بقيمة مماثلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة