د. محمد سعيد حسب النبى يكتب: "خير إن شاء الله"

الأحد، 08 أبريل 2018 05:00 م
د. محمد سعيد حسب النبى يكتب: "خير إن شاء الله" د. محمد سعيد حسب النبى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان يضيق ذرعاً بما يردده وزيره من كلمات يراها لا توافق كل سياق تُذكر فيه ؛ ففى كل حادثة يردد الوزير جملة لا يكاد يبرحها وهى "خير إن شاء الله". وفى يوم من الأيام كان الملك على مائدة الطعام ؛ فأصاب إصبعه بالسكين ، وسالت دماؤه على الأرض، وهمَّ الجميع إليه، ووزيره يردد: "خير إن شاء الله.. خير إن شاء الله"، فغضب الملك غضباً شديداً وقال له: أى خير فى أنْ قطعت إصبعي، خذوه إلى السجن ليرى الخير كله هناك. سحب الجند الوزير وهو يردد قائلاً: "خير إن شاء الله".."خير إن شاء الله".

وبعد أيام سافر الملك للصيد كعادته، وكان الوزير يرافقه دائماً إلا فى هذه المرة، وفى الرحلة تفرق الجمع المصاحب للملك، ليجد الملك نفسه وحيداً، ويقع فى يد قبيلة متوحشة من القبائل التى أرادت أن تقدمه قرباناً لآلهتها. استسلم الملك للقدر، وأخذ يتذكر وزيره الذى كان يردد دائماً "خير إن شاء الله"، وقال أى خير أنا فيه الآن! وفجأة تشاور رجال القبيلة فيما بينهم، ثم حَلُّوا وثاق الملك وقالوا له ارجع إلى قومك، اندهش الملك وسألهم لماذا تركتموني؟! فقالوا لأننا لا نقدم لآلهتنا إلا الأصحاء ، وأنت لديك إصبع مقطوع! فأسرع الملك إلى قومه وهو يردد "خير إن شاء الله"، ولما رجع إلى جنده أمرهم بإخراج الوزير الذى قصّ عليه القصة ، وأخبره أنه فهم الآن معنى "خير إن شاء الله" ، ثم قال لوزيره : ما يحيرنى هو أين الخير فى سجنك؟.. فقال له: أيها الملك إنى أرافقك دائماً فى رحلات صيدك ، ولو كنت معك لأخذونى وقدمونى قرباناً ، فأنا لا عيب لدى .

ما أكثر العواصف التى تهب علينا من حيث لا ندري، وكم يُعَكَّر صفونا بما يبدو لنا أنه مكروه، ولكن التسليم الذى يطرد الجزع، والرضا القلبى الذى يبعد الضيق، وأدب النفس الذى ينفى نوازع التفكير فى القسمة والنصيب هى حصون النفس ودروعها، غير أنها تحتاج إلى رياضة نفسية حقيقية. ويبدو أن الوزير كان من أصحاب الهمم العالية، تطهر قلبه، وانشرح صدره، واطمأنت نفسه بكلمات تؤمن أن الخير حيث يكون القدر، مهما بدى لنا كغيوم مرعدة لا تنبئ بنهار خلفها. فلنرض جميعاً بما تسوقه لنا الأيام، ولنأمل ما يَسُّرنا فى غد لا يدخر لنا إلا الخير.  

ومن الخير أن نسأل الله العافية، وأن يجنبنا الفشل فى اختبارات الزمن؛ فننزلق فى هوة سحيقة من القنوط، ولنعلم أن امتحانات القدر تزيد الصلة الروحية بين الإنسان وربه، فتقوده إلى الرضا والتسليم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق

قصة طريفة

قصة طريفة، ومقال ممتع، شكرا لليوم السابع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة