لا تتوقف عجلة الحرب فى منطقة الشرق الأوسط، والتى تنشط خاصة داخل الأراضى السورية الممزقة بفعل المواجهات الداخلية الطاحنة بين الجيش السورى والتنظيمات الإرهابية المختلفة، وتتقد نيران تلك المعارك العسكرية التى تهدف إلى تمزيق جسد الجمهورية العربية السورية، بالفتن وتنامى قدرات الجماعات المسلحة عن طريق التمويل الغربى من بعض البلدان صاحبة المصالح فى استمرار الحرب لضمان بقائها داخل سوريا وسرقة ثرواتها.
وفى ظل تعاظم ونجاح الجهود التى تسير على دربها الحكومة السورية من أجل رأب الصدع وتضميد جراح الوطن الدامية وإعادة الاستقرار والأمن مرة أخرى للبلاد، تأبى المؤامرات الداخلية والخارجية على حد سواء أن تدع مساعى إصلاح الأوضاع وترتيب البيت من الداخل، أن تكتمل، ويكرسوا كافة جهودهم وإمكانياتهم فى سبيل افساد الحلول الرامية لإنهاء الحرب والأزمة السورية.
ومع اقترب الحكومة السورية من الاتفاق مع الجماعات الإرهابية المسلحة على خروج من "دوما" آخر معاقلها فى الغوطة الشرقية بالعاصمة دمشق، نُفذت ضربات عنيفة بذات المنطقة يشتبه فى استخدام أسلحة كيميائية بها، وعلى الفور وجه المعسكر الأمريكى وحلفائه فى الغرب الاتهامات الفورية للنظام السورى بالضلوع وراء تلك الهجمات بالأسلحة الكيميائية المحرمة دوليًا، والتى سقط إثرها عدد من المدنيين إلا أن سوريا، وحلفائها روسيا وإيران وتركيا، يدحضون تلك الإدعاءات ويؤكدون أنها محاولات للنيل من حكومة الرئيس السورى بشار الأسد، وحلفائه.
الكرملين: نأمل فى أن تمتنع الدول الأخرى عن تأزيم الوضع فى سوريا
وفى هذا الصدد، أعرب المتحدث الصحفى للرئاسة الروسية، الكرملين، دميترى بيسكوف، اليوم الإثنين، عن اَمله فى إتباع الدول الأخرى نهج متوازن تجاه القضية السورية، وعدم اتخاذ خطوات تؤدى إلى زعزعة الاستقرار نظرًا لتوتر الوضع هناك.
وقال بيسكوف - فى مؤتمر صحفى نقلته وكالة أنباء (سبوتنيك) الروسية - "إن الوضع متوتر حقاً، لقد سمعنا تصريحات بالتهديدات، لا يسعنا إلا أن نأمل فى أن تتبع الدول نهجا متوازنًا، والابتعاد عن أى أعمال قد تؤدى إلى زعزعة استقرار الوضع فى سوريا"، مضيفًا أن الوضع هش بالفعل بما فيه الكفاية.
الكرملين: المعارضة السورية تدبر "لاستفزاز" باستخدام أسلحة كيماوية
وقبل هذا التصريح، كان هناك تصريحات أخرى للكرملين، اليوم الاثنين، حيث أكد أن التوصل لأى استنتاجات عن هجوم كيماوى فى سوريا دون معلومات مؤكدة، هو أمر خطأ وخطير، مشيرًا إلى أن المسئولين الروس قالوا من قبل إن مقاتلى المعارضة السورية يدبرون "لاستفزاز" باستخدام أسلحة كيماوية، مضيفا نأمل بنهج متوازن إزاء هجوم دوما، وألا تتخذ أى دولة خطوات تزعزع الاستقرار، كما قال مصدر رئاسى تركى، إن "أردوغان" بحث مع بوتين هجوم دوما، وأكد أهمية وقف سقوط قتلى مدنيين.
الكرملين: "بشار الأسد" الرئيس الشرعى لسوريا ولا نقبل إهانته
كما صرح المتحدث الصحفى للرئاسة الروسية (الكرملين)، بأن بشار الأسد هو الرئيس الشرعى لسوريا، ومن غير المعقول أن تكون الشتائم بحقه مناسبة.
وردا على ما كتبه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى تغريدة إن الرئيس روسيا وإيران هما المسئولان عن دعم الأسد، قال بيسكوف، "إن الأسد هو الرئيس الشرعى للجمهورية العربية السورية، من وجهة نظرنا، وبالطبع من غير المعقول أن يكون صحيحا استخدام عبارات مهينة بحق الرئيس الشرعى لسوريا"، وأكد أن الغارات الإسرائيلية على قاعدة (تيفور) السورية فجر اليوم تستدعى قلق روسيا، موضحا أن موسكو تجرى اتصالات مع تل أبيب عبر القنوات المناسبة، مشيرًا إلى أن مزاعم استخدام الكيماوى فى دوما تعتبر "استفزازًا".
لافروف: سورية وروسيا حذرتا مرارًا من استخدام الإرهابيين مواد كيميائية لاتهام دمشق
بدوره، قال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، اليوم الإثنين، خلال مؤتمر صحفى مع نظيره الطاجيكى سراج الدين أصلوف، بموسكو، إن "هناك لاعبون ظهروا بسوريا ولم يدعهم أحد، بل دعوا أنفسهم بحجة تدمير (داعش) ومحاربة الإرهاب، ولكن هناك أسباب أخرى لديهم معلنة وأخرى خفية".
وأضاف وزير الخارجية الروسى، أن "التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة لا يسعى للخروج من سوريا وتركها للآخرين كما قال الرئيس ترامب، ولكن يثبت أقدامه هناك لوقت طويل"، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أى آثار لاستخدام النظام السورى لمواد كيميائية ضد المدنيين، معتبرا أن هذه الادعاءات الهدف منه شن حرب على سوريا.
روسيا: خبرائنا فى سوريا لم يجدوا آثار لاستخدام مواد كيمائية ضد المدنيين
وقال لافروف، إن رئيسا فرنسا والولايات المتحدة تحدثا عن وجود أدلة دامغة باستخدام الرئيس السورى بشار الأسد لأسلحة كيميائية وهو أمر مبالغ فيه، فضلا عن السرعة الفائقة فى استباق أى تحقيقات"، موضحا أن الخبراء الروس والهلال الأحمر السورى لم يجدوا أى آثار لاستخدام الكلور أو أى مواد كيمائية أخرى ضد المدنيين.
وتابع لافروف، إن "هناك حملة حاليًا على النظام السورى وبالطبع على روسيا وإيران أيضًا، ومطالبات بإجراء تحقيقات ونحن ندعم ذلك ولكن يجب أن تتسم بالجدية والدقة بعيدا عن التسييس"، ولفت إلى أن العسكريين الروس المتواجدين فى سوريا حذروا مرارا وتكررا من أن هناك تحضيرات من قبل الإرهابيين للقيام باستفزازات جادة باستخدام مواد كيمائية سامة ضد المدنيين بهدف توجيه الاتهامات إلى دمشق.
وأشار لافروف إلى أن ما بثته بعض وسائل الإعلام حول مزاعم استخدام الكيميائى فى الغوطة الشرقية والصور التى تظهر كيفية علاج مصابين مفترضين من قبل أشخاص غير محميين ولم يصابوا يذكر بلقطات سابقة بثتها ما تسمى جماعة "الخوذ البيضاء"، وفيما يتعلق بتصريحات ترامب حول التهديد بشن الولايات المتحدة عدوانًا على سوريا، قال لافروف، "إن عسكريينا ردوا على هذه التهديدات بالفعل، بأنه لدينا التزامات مع الحكومة السورية الشرعية، ونحن موجودون فى هذا البلد بطلب من دولة عضو فى منظمة الأمم المتحدة".
مصدر بالخارجية السورية: مزاعم استعمال الكيماوى اسطوانة مملة وغير مقنعة
وفى السياق ذاته، أكد مصدر بوزارة الخارجية والمغتربين السورية، أن مزاعم استعمال الكيماوى باتت أسطوانة مملة غير مقنعة إلا لبعض الدول التى تتاجر بدماء المدنيين وتدعم الاٍرهاب فى سوريا، مضيفًا: "فى كل مرة يتقدم الجيش العربى السورى فى مكافحة الاٍرهاب تظهر مزاعم استخدام الكيماوى لاستخدامه كذريعة لإطالة أمد عمر الإرهابيين فى دوما".
إيران: الاتهامات الموجهة للنظام السورى مؤامرة جديدة ضد بشار الأسد
وفى إطار الرفض الروسى، رفضت موسكو، الأحد، الاتهامات الموجهة للنظام السورى باستخدام الأسلحة الكيميائية فى مدينة دوما الخاضعة لسيطرة المعارضة قرب دمشق، بعدما حملت الولايات المتحدة، روسيا، المسئولية عن أى هجوم من هذا النوع.
وقال رئيس "المركز الروسى للمصالحة بين الأطراف المتحاربة فى سوريا" الجنرال يورى يفتوشينكو، فى تصريحات نقلتها عنه وكالات أنباء سورية محلية، "ننفى بشدة هذه المعلومات نحن مستعدون فور تحرير دوما من المسلحين لإرسال خبراء روس فى مجال الدفاع الإشعاعى والكيميائى والبيولوجى لجمع المعلومات التى ستؤكد أن هذه الادعاءات مفبركة".
كذلك أعلنت إيران، أن الاتهامات الموجهة إلى قوات النظام السورى باستخدام أسلحة كيميائية ضد مدينة دوما، هى مؤامرة جديدة ضد نظام الرئيس السورى بشار الأسد، وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، فى بيان، إن "مثل هذه المزاعم والاتهامات الصادرة عن الأمريكيين وبعض الدول الغربية، إنما هى مؤشر لمؤامرة جديدة ضد الحكومة والشعب السوريين، وذريعة للقيام بعمل عسكرى سيزيد حتما من تعقيدات الوضع فى هذا البلد وفى المنطقة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة