خالد عزب يكتب: حين يستعيد الأزهر تراثه ... التفسير الواضح

الثلاثاء، 01 مايو 2018 04:00 ص
خالد عزب يكتب: حين يستعيد الأزهر تراثه ... التفسير الواضح غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحدث الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين مفاجأة قوية حين أعاد إصدار تفسير الواضح للشيخ محمد محمود حجازي، هذا التفسير للقرآن الكريم دخل غياهب النسيان لسنوات طويلة منذ وفاة مؤلفة فى العام 1972 ميلادية، إذ حرصت جماعات الإسلام السياسى على الترويج لتفاسير أخرى للقرآن الكريم تخدم أهدافها.
 
قدم هذا التفسير الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، فيذكر أن المتشوق لصحبة القرآن الكريم ومعرفة معانيه عليه بهذا التفسير الذى  جادت به قريحةُ عالم جليلٍ من عُلماء الأزهر الشريف، قضى عُمُره فى تسويده وتجويده، حتى جاء مُتفرداً فى موضوعه ومنهجه، فقرب مأخذه للعالِم و المتعلم، إنه "التفسير الواضح" الذى ألفه الأستاذ الشيخ الدكتور محمد محمود حجازى (ت: 1392ه_1972م) رحمه الله و أجزل له الأجر و المثوبة، لقاء ما قدم لطُلاب العلم فى "مادة التفسير" التى هى عماد علوم أصول الدين والشريعة والكلام و البلاغة و اللغة والأدب. 
 
ويقينى أن القارئ سوف يهتدى إلى الكثير من معالم التفسير وعلوم القرآن فى هذا المؤلف القيم، وهو وإن لم يكن فى منزلة كتب التفسير المبسوطة، سواء كتب التفسير بالمأثور أو بالرأي، إلا أنه يمثل المرحلة الوسطى بين هذه الموسوعات و المختصرات، ك "تفسير الجلالين" وبعض التفاسير الحديثة و المعاصرة التى تكتب على هامش القرآن الكريم.
 
وهذه _ فيما أظن_ ميزة تغرى بقراءته ومصاحبته فى يُسر وسهولة، حتى للمثقف العادى الذى يُريد أن يقع على مطلوبه فى تفسير آيةٍ و توضيح معناها، ممن لم يتمرس بأساليب القُدماء فى تفاسيرهم للقرآن، ويسبر أغوار كلامهم، ويدرك مقاصد إشاراتهم وتنبيهاتهم.
 
 وسيرى الجالس فى مأدبة هذا التفسير أنه تفسير قطف من كل بستان زهرة _ كما يقولون.

المؤلف:

هو العلامة المفسر الأستاذ الدكتور محمد محمود يوسف حجازى محمد هندي، الشافعى الأزهري. وُلد فى 19/6/1332ه، الموافق 15/5/1914م، فى قية "شنبارة منقلا" التابعة لمركز "ديرب نجم" بمحافظة الشرقية، بمصر. و أتم الشيخ حفظ القرآن الكريم بقريته وله من العمر اثنتا عشرة سنة، ثم التحق بمعهد الزقازيق الديني، وانتقل منه إلى معهد دسوق، ثم أكمل المرحلة الثانوية بمعهد طنطا سنة 1935م، ثم التحق الشيخ بعدها بكلية اللغة العربية، ونال منها شهادة العالية سنة 1939م، ثم شهادة العالية مع إجازة التدريس سنة 1941م.

سافر الشيخ إلى مدينة الرياض بالسعودية وعمل أُستاذاً بالمعهد العاالى للقضاء، ودرس بجامعة أم دُرمان بجمهورية السودان. ومن أبرز مشايخه الشيخ محمد الأحمدى الظواهري، والشيخ محمد مصطفى المراغي، والشيخ أحمد السيد على الكومي، و الشيخ أمين أبو الروس، والشيخ طاهر عبد المجيد. ولقد ترك المؤلف العديد من المؤلفات منها: " التفسير الواضح"، " الوحدة الموضوعية فى القرآن الكريم" نال به درجة الدكتوراه من كلية أصول الدين، سنة 1968م، " الأحاديث المختارة فى الصحيحين" مطبوع، " القصص القرآنى فى القرآن الكريم" مخطوط، وغيرها. وتُوفى رحمه الله يوم الاثنين:3 من ربيع الأول، سنة 1392ه_ 17/4/1972، بمدينة الخرطوم.

تاريخ تأليفه:

تذكر المراجع المتوفرة للباحثين أن الشيخ بدأ فى كتابة التفسير وهو لا يزال مُدرساً بالمعاهد الأزهرية؛ فقد بدأ تأليفه سنة 1951م، وفرغ منه فى 1955م.

ويتحدث الشيخ عن هذا فيقول: " لقد بدأت فى إخراج كتاب التفسير الواضح للقرآن الكريم عام 1951م، وانتهيت منه عام 1955م، والحمدلله قد طُبع عدة طبعاتٍ، و استقبله المسلمون فى كل مكان بصدرٍ رحبٍ، متجاوزين عما فيه من زلة قلمٍ، أو هفوة خاطرٍ".
ويقول الشيخ فى خاتمة الجزء الثلاثين: " وبعد؛ فقد انتهى هذا الجزء الثلاثون، وبانتهائه انتهى تفسير القرآن الكريم... وقد كان الفراغ من هذا الجزء بمدينة الزقازيق، صباح الأربعاء، 22 يونيه، سنة 1955م، الموافق 2 من ذى القعدة 1374ه".

منهج:

_ يُقدم بين يدى السور بمقدمةٍ موجزةٍ بين فيها مكان السورة: أمكيةٌ هى أم مدنيةٌ، وعدد آياتها، وأحياناً يذكر ترتيبها فى النزول.

_ ثم يبدأ الشيخ تفسيره للآيات بذكر النص القرآنى الذى سيفسره، وهو عبارة عن مقطع من مقاطع السورة يشتمل على بضع آياتٍ.
_ وقبل ذكر المقطع يضع عنواناً مناسباً يختاره من بين أبرز ما تحدثت عنه آيات المقطع محل التفسير و الشرح، ويجعل هذا العنوان قبل الآيات، ولكنه  لم يجعل عناوين لموضوعات سور جزء "عم"، مع أنه قسم يعض سور هذا الجزء إلى مقاطع، كما هى طريقته.
_ ثم يبدأ فى شرح المفردات التى تحتاج إلى شرحٍ، وذلك بوضوح و اختصارٍ، ويذكرها على ترتيب ورودها فى المقطع، وربما لا يلتزم الترتيب، فيقدم و يؤخر، وقد لوحظ أنه أحياناً يغير فى مفردات اللفظة القرآنية أثناء شرح المفردات، فتكون اللفظة فى الآية فعلاً _مثلاً_ فيذكر المؤلف فى شرحها المصدر لا الفعل، كما سيأتى فى المثال التوضيحى التالي.
_ بعد ذلك يفسر الآية تفسيراً واضحاً يعتمد فيه تجلية المعنى الإجمالى للآية.
_ إذا كانت الآية تتعلق بالأحكام؛ ذكر ما يؤخذ منها من أحكامٍ وتشريعاتٍ.
_ قد يتطرق فى بعض الأحيان إلى ذكر سبب النزول، وربما تعرض لمناسبة الآيات و المقاطع.
وقد تقدم أن المؤلف شعر بحاجة المسلمين إلى تفسير واضح لكتاب الله تعالى يكتب بلغةٍ سهلةٍ لا تعقيد فيها و لا غموض، مع البعد عن الحشو و التطويل، و تخليصه من الخرافات و الإسرائليات.
و الحق يقال: إن المؤلف قد استطاع الوفاء بما اشترطه، وتمكن من الالتزام بما وعد به، و إليك مثالاً يوضح هذا النمط الذى مشى عليه، و اطرد له طيلة تفسيره، يقول رحمه الله :
" المتقون و جزاؤهم ":
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
المفردات:
الإيمان: هو التصديق الجازم المقترن بإذعان النفس و قبولها، وعلامته العمل.
بالغيب: ما غاب عنهم من حسابٍ و جزاءٍ وجنةٍ و نار ٍو غير ذلك.
يقيمون الصلاة: إقامتها: الإتيان بها مقومة ًمعتدلةً كاملةً، والمقصود استيفاء أركانها وشروطها.
يوقنون: اليقين: هو الاعتقاد الذى لا يقبل الشك.

المعنى:

إن الله  سبحانه وتعالى يكشف عن صفة المتقين الذين ينتفعون بالقرآن وهديه فيقول: هم الذين يؤمنون بالأمور الغيبية متى قام الدليل عليها، ولا يقفون عند الماديات و المحسوسات، يؤمنون بما وراء المادة، وهؤلاء يسهُل عليهم فهم القرآن و الانتفاع به؛ لان نور الإيمان شع فى قلوبهم فامتلأت طاعةً ورحمةً، ولذا كان من صفتهم إقامة الصلاة؛ إذ هى مظهر الطاعة. وإقامة الصلاة: الإتيان بها كاملةً مقومةً بشروطها و آدابها فالصلاة عبادة بدنيةٌ وروحيةٌ، لا عمل بدنى فحسب. و إقامتها: عبارة عن استيفاء ناحيتى البدن والروح.

والإنفاق فى سبيل الله من زكاةٍ وصدقةٍ مظهرٌ من مظاهر الرحمة بالإنسان، و ركن مهم جداً من أركان  الإسلام كالصلاة التى هى عماد الدين، فالزكاة أساس بناء المجتمع، كما أن الصلاة أساس بناء الفرد.
وهم الذين يؤمنون بالله وما أُنزل عليك، وما أُنزل على من قبلك من الأنبياء و المرسلين، وآمنوا كذلك بالآخرة إيماناً يقيناً لا شبهة فيه ولا شك.
 ولا غرابة فى أن يكون ذوى مكانةٍ عاليةٍ عند الله يُشار إليهم، متمكنين من هدايته، وأولئك البعيدون فى مرتبة الكمال هُم الفائزون فى الدارين.
و " التفسير الواضح" بهذا المنهج الذى ذكرنا بعض أمثلته ينتظم فى سلك ما يعرف ب " التفسير الإجمالي"، وقد عد بعض المعاصرين " التفسير الواضح" من هذا الضرب.
جاء فى " الموسوعة القرآنية المتخصصة": " أما التفسير الإجمالي؛ فإنه فى الغالب يكون موجهاً للقاعدة العريضة من الناس، وبالتالى فلا يدخل المفسر فى التفاصيل الدقيقة، والمباحث المتخصصة، و إنما يهتم ببيان المعنى العام باختصارٍ سائراً مع الآيات حسب ترتيبها فى المصحف الشريف..
والمفسر _ فى سبيل ما تهدف إليه الجمل من معانٍ، وما ترمى إليه من مقاصد_ لا بُد له من الاستعانة بما يحتاج إليه من آيةٍ أخرى، أو حديثٍ نبوي، أو أثر ٍصحيحٍ عن السلف، أو بيتٍ من أشعار العرب، أو حكمةٍ مأثورةٍ عن الحُكماء و البُلغاء.
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة