مع اقتراب اعلان قرار الولايات المتحدة الأمريكية النهائى حول الاتفاق النووى المبرم بين إيران والقوى الست فى 2015، فاجأت إسرائيل الخصم الأكبر لإيران العالم بالتوصل لمعلومات سرية حصلت عليها فى عملية استخباراتية أخرجت من خلالها وثائق من قلب العاصمة طهران تدين الأخيرة، وتزعم إدارتها "برنامج نووى سرى" وامتلاك أرشيف نووى فى مجمع سرى فى منطقة شوراباد جنوبى العاصمة، الأمر الذى يشير إلى دلائل عديدة نورد بعضها فى هذا التقرير.
نتنياهو يشجع ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووى
أولا، جاء إعلان نتنياهو قبل 11 يوم من انتهاء مهلة منحها دونالد ترامب للأطراف الأوروبية وتنتهى يوم 12 مايو المقبل، من أجل تعديل الاتفاق النووى والذى يراه الرئيس الأمريكى الصفقة الأسوأ فى تاريخ الولايات المتحدة، حيث أطلقت يد طهران فى المنطقة بما يهدد المصالح الأمريكية، ولم تفرض قيودا على برنامجها الصاورخى الباليستى الذى يهدد حلفاء واشنطن فى مقدمتهم (تل أبيب) كما أن الاتفاق لا يتضمن ما يفيد منع حصول طهران على السلاح النووى بسبب بند المدة الزمنية، حيث يقيد البرنامج 10 فقط وينص على أن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجياً اعتباراً من 2025، لذا يمكن قراءة اعلان نتنياهو أمس بأنه تشجيع لترامب على الانسحاب من الاتفاق يوم 12 مايو المقبل، بمنحه دلائل على عدم التزام إيران بالاتفاق وحصولها على السلاح النووى.
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو
الكنيست يمنح نيتنياهو حق شن الحروب
ثانيا، تزامن الإعلام عن الوثائق مصادقة الكنيست الإسرائيلى مساء الاثنين، أى فى نفس اليوم، على قانون يخول رئيس الوزراء ووزير الدفاع ليبرمان شن حرب دون العودة إلى الحكومة أو الرجوع إلى أحد، فى ظل ظروف استثنائية، وينص مشروع القانون على أنه يمكن لمجلس الوزراء أن يقرر بنفسه الشروع فى عملية عسكرية تؤدى إلى الحرب، لذا يرى المحللون أن توقيت القرار يرسل رسائل تهديد إلى طهران.
انسحاب أمريكى شبه مؤكد يوم 12 مايو المقبل
ثالثا، توقيت اعلان إسرائيل هو توقيت قاتل بالنسبة للصفقة النووية، فهناك عدة عوامل ومتغيرات داخل الولايات المتحدة الأشهر الماضية، أكدت فرضية انسحاب الرئيس الأمريكى من الاتفاق النووى 12 مايو المقبل، فترامب نجح خلال الأشهر الماضية فى معالجة ما اسمته تقارير أجنبية الانقسام داخل إدارته حيال الاتفاق، عبر عزل مسئولين لم تتماش آرائهم مع توجهاته، بل وانحاز بعضهم لفكرة الابقاء على الاتفاقية النووية وعلى رأسهم وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وعين ترامب بدلا منهم صقور فى إدارته على غرار وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومى جون بولتون المعارضين الشرسين لطهران.
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
نتنياهو يحشد خصوم طهران
رابعا، الأهم من ذلك هو أن وقت الاعلان جاء بعد ساعات قليلة من اتصال هاتفى بين نتنياهو ودونالد ترامب وكذلك اختتام وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو زيارته لإسرائيل ضمن جولة شرق أوسطية شملت 3 بلدان هدفت فى المقام الأول التشاور مع شركاء واشنطن فى المنطقة لتقويض المارد الإيرانى، وبدا الأمر كحشد تحشده الولايات المتحدة وتكوين حلف مناهض لإيران.
وكان الجولة بدء العمل باستراتيجية الإدارة الأمريكية فى التعاون مع حلفاء واشنطن لمواجهة طهران، والتى أعلن عنها ترامب خلال كلمته الشهيرة يوم الجمعة 13 أكتوبر 2017 وقال فيها "النظام الإيرانى يطور وينشر صواريخ تهدد القوات الأمريكية وحلفاؤها، ويضايق السفن الأميركية ويهدد حرية الملاحة فى الخليج العربى والبحر الأحمر ويسجن أمريكيين بتهم مزورة.. سنعمل مع حلفائنا من أجل مواجهة أنشطة النظام المزعزعة للاستقرار والداعمة للإرهاب فى المنطقة" وهو نفس الأمر الذى قام به نتنياهو من خلال الوثائق التى عرضها، وهى حشد رأى عام عالمى ودولى ضد طهران.
ترامب مع ميركل وماكرون
الوجود الإيرانى فى سوريا يؤرق تل أبيب
لا يمكن التغاضى عن أن اعلان نتنياهو جاء بعد أسابيع قليلة من ضربة عسكرية وجهتها تل أبيب إلى عناصر إيرانية فى سوريا، حيث كثفت إسرائيل من مساعيها لقطع أذرع طهران فى المنطقة والقضاء على المليشا التابعة لها على غرار حزب الله فى لبنان، وانهاء وجودها العسكرى فى سوريا والذى بات يؤرق تل أبيب أكثر من أى وقت مضى، فتمركز المقاتلين التابعين لإيران والتقارير المتباينة التى تشير إلى تأسيس قواعد عسكرية إيرانية فى سوريا، دفع العسكرية الاسرائيلية لقصف أماكن تمركز مستشارى الحرس الثورى ليلة الاثنين الـ9 من أبريل الماضى، فى مطار T4 السورى بمحافظة حمص السورية، وقتل فى هذه العملية نحو7 من عناصر الحرس الثورى والمستشاريين العسكريين المتواجدين بالقاعدة السورية.
هكذا يمكن قراءة تحركات إسرائيل رغبتها فى إيجاد حشد دولى وعالمى ضد إيران وبرنامجها النووى قبل يوم 12 مايو، ومساعى لحث الأطراف الأوروبية لمعاقبة إيران وإلغاء الصفقة النووية التى أصبحت عديمة الفائدة بعد أن توصلت طهران -وفقا لوثاق نتنياهو- إلى رؤوس نووية شديدة الانفجار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة