ربما لا يكون المواطن مشغولا بمعرفة التفاصيل الفنية لقانون التأمين الصحى، بقدر ما يركز اهتمامه على تحسين الخدمة والحصول على العلاج بشكل عادل وإنسانى.. والصحة مع التعليم هما أهم ملفين يمكن من خلالهما اختبار مدى التقدم والتحضر، وقد تعرضا للإهمال والتجاهل والفساد طوال عقود.
ومؤخرًا أصدرت الحكومة اللائحة التنفيذية لقانون التأمين الصحى الشامل، وبالتالى أصبح جاهزًا للتطبيق، وفى حال تطبيقه نكون قطعنا شوطًا بعيدًا فى ملف الصحة والعلاج، أهم الملفات الاجتماعية والخدمية.
وقد تأخرنا كثيرًا فى إنجاز قانون شامل للتأمين الصحى وظلت المشروعات المختلفة فى دهاليز وأدراج الحكومات طوال أكثر من عشرين عامًا، بل كان هناك مشروع جاهز فى عام 2008 تعطل لأسباب تمويلية بالرغم من أن تكلفته المعلنة وقتها لم تكن تتجاوز 6 مليارات جنيه، وهى تكلفة تضاعفت عدة مرات.
ظل ملف التأمين الصحى مؤجلا، فيما تراجع مستوى الخدمة الصحية بشكل كبير، وظهر العلاج على نفقة الدولة، كنظام مواز، لكنه لم يخل من عيوب جعلت من الصعب وصول العلاج لكل مواطن بشكل عادل، وحرم الفقراء من حقهم فى العلاج من دون واسطة.
هناك نقاط إيجابية تحققت فى ملف العلاج، لعل أهمها علاج فيروس الكبد الوبائى بشكل شهدت له المؤسسات الدولية، ويفترض دراسة هذا الملف والاستفادة من تجربة علاج فيروس الكبد الوبائى، وتعميمه فى مواجهة أمراض مستعصية مثل الفشل الكلوى وأمراض القلب.
وزير الصحة، الدكتور أحمد عماد، تحدث فى مؤتمر صحفى عن تمويل المشروع وافتتاح مستشفيات، وأن المواطن سيدفع 300 جنيه كحد أقصى للعمليات فى «التأمين، وتوقع تطبيق قانون التأمين الصحى الشامل، خلال آخر أغسطس أو سبتمبر بعد استلام المستشفيات وميكنة النظام. وقال إن الاشتراكات لن يتم تحصيلها إلا بعد التطبيق فى كل محافظة وحصول المريض على الكارت، بينما الموارد الأخرى مثل الضرائب الموجهة سيبدأ تحصيلها، وأن المنظومة الجديدة تعطى للمنتفع حرية اختيار مكان تقديم الخدمة، كما تعطى مقابلا ماديا للفريق الطبى يغنيه عن العمل خارج المنظومة.
قانون التأمين الصحى يتضمن طرق تمويل بفرض ضرائب على السجائر والأسمنت وتراخيص السيارات والمبانى وغيرها، وهى تمويلات مطلوبة لتغطية الفرق بين الاشتراكات والإنفاق، خاصة أن الدولة يفترض أنها ستمول الاشتراكات لغير القادرين.
الاتجاه أن يتم تطوير المستشفيات وتجهيزها للتطبيق الشامل، مع الأخذ فى الاعتبار أن التأمين الشامل سيطبق على مراحل تنتهى تقريبًا 2030، تشمل المرحلة الأولى محافظات بورسعيد ثم جنوب سيناء وشمال سيناء والإسماعيلية والسويس.
ويفترض أن يكون هناك تفكير فى تقليل هذه المدة، لكن هذا يتطلب الإسراع فى تحسين أحوال المستشفيات.. والأهم فى كل هذا هو تغيير نظام الإدارة الحالى.. ربما يكون أهم ما فى التأمين الصحى هو فصل الخدمة عن التمويل، وتجاوز العيوب المتوطنة فى القانون القديم، والذى صدر لموظفى الحكومة، ثم إنه فقد فاعليته وكان ولا يزال مليئا بالثغرات. والمهم فى هذا الملف هو الوصول لتقديم خدمة محترمة لكل المواطنين وإدماج الفئات المحرومة، لأن العلاج أمر إجبارى، يمكن للمواطن أن يستبدل الطعام، أو الكساء، لكنه لايمكن الاستغناء عن الدواء أو استبداله. والمشكلة ليست فى استعراض نظرى للنظام الصحى وإنما توفير الخدمة والعلاج والدواء فى مكانه وزمانه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة