أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

الشاعر محمد الثبيتى.. صب لنا وطنا فى الكؤوس

الأحد، 13 مايو 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام 2012 كانت المرة الأولى التى أقرأ فيها قصيدة الشاعر السعودى محمد الثبيتى «تغريبة القوافل والمطر» وقد أخذتنى تماما، وكتبت عنها قراءة مطولة بعض الشىء، لكننى سعدت مؤخرا عندما قرأت أن وزارة الخارجية السعودية غردت باسمه ضمن احتفالاتها بإبداعات سعودية.
 
وبهذه المناسبة الجميلة فى حق الثقافة، سأعيد بعض ما كتبته من قبل فى حق محمد الثبيتى، وهو شاعر سعودى ولد عام 1952 وتوفى عام 2011.
 
«أدِرْ مهجة الصبحِ/ صبَّ لنا وطنًا فى الكؤوسْ/ يدير الرؤوسْ/ وزدنا من الشاذلية حتى تفىء السحابة/ أدِرْ مهجة الصبح/ واسفح على قلل القوم قهوتك المرْةَ المستطابة/ أدر مهجة الصبح ممزوجة باللظى/ وقلّب مواجعنا فوق جمر الغضا/ ثم هات الربابة».
 
تمثل قصيدة «تغريبة القوافل والمطر» جملة شعرية ممتدة، ونتوقف عند جملها المحورية ومنها «صبَّ لنا وطنا فى الكؤوس» التى مثلت صورة شعرية قالها الثبيتى ومر.. وتركنا عالقين فى براثن الشعرية.. جملة مشعة مثلت مرتكزا ضوئيا للقصيدة.. نقلب فى قوتها وجمالها ورقتها وانسيابها وغنائيتها وجمالها.
 
جملة تختصر العلاقة بين الإنسان العاشق والوطن المعشوق الذى قد يتفلت منه الوطن حقيقة أو ظنا.. غربة أو وجودا.. فيبحث عنه فى ظلاله من خلال صحرائه ومائه وغنائه أو يغمض عينيه ويتخيله جميلا.. هذه الجملة تختصر عالما شعريا يمسك بالقارئ ويشده إلى قلب «الوطن» الموجوع بنا.
 
العلاقة الثنائية المتخيلة بين ما فى الكأس وما فى الوطن هى علاقة تقوم على ما يرتضيه الإنسان المحب لنفسه.. ليس الغرض منها الذهاب بالعقل «والوطن يستحق» ولا الغياب عن الواقع.. لكن العلاقة بينهما تقوم على النشوى والارتواء والوجد.. العلاقة الجمالية بينهما موجودة داخل إطار الكأس الممتلئة بالوطن الذى يأخذ اللون المتمنى والرائحة المشتهاة.
 
بنى محمد الثبيتى قصيدته على جمل شعرية منها «أدر مهجة الصبح»، والتى كانت أكثر الجمل دائرية فى القصيدة، ومثلت المرتكز المرئى للعناصر الشعرية.. وقد تكررت تقريبا كلما حاول أن يبدأ من جديد.. أو أن يعيد بناء شىء من عالمه المتخيل.
 
كذلك جملة «يا كاهن الحى».. كاهن ونداء ما الذى يجمع بينهما فى رؤية واحدة ؟.. هل هو رمز دينى يضفى على القصيدة نوعا من القداسة والحكمة.. ويريد أن ينطقه بحقائق تحتاجها القصيدة.. «أيا كاهن الحى/ هل فى كتابك من نبأ القوم إذ عطلوا/ البيد واتبعوا نجمة الصبح/ مروا خفافا على الرمل/ ينتعلون الوجى.. والمدى غربة ومطر» كاهن الحى الذى يستنجد به الشاعر كى يهبه هزيعا من الليل والوطن المنتظر.. الكاهن بكلامه المسجوع الذى يشبه نوعا ما صوت الشاعر.. يملك الذكريات القديمة ويتنبأ بما هو آت.. إذن كاهن الحى هو غاية هذه التغريبة التى يسعى فيها الشاعر وكله أمل فى الوصول.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة