نشر تويتة سريعة على موقع التدوينات السريعة "تويتر".. يعقبها تسريبات صحفية.. يليها بيان رسمى ثم خطاب رئاسى غالبًا ما ينتهى بتوقيع مذكرة أو قرار رئاسى يثير الجدل عبر أرجاء العالم.. هكذا تسير الأمور بمنطق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منذ توليه مقاليد الحكم داخل البيت الأبيض.
فى الأيام الأولى من تولى رجل الأعمال رئاسة الولايات المتحدة، ألقت وسائل إعلام أمريكية الضوء على نوع القلم المستخدم من قبل الرئيس، وأفردت شبكة "سى إن إن" تقريرًا خاص له، موضحة أن ترامب عند توقيعه على أوامر تنفيذية يختار قلم مصقول باللون الأسود ومدبب باللون الذهبى من طراز Cross Century II من صناعة شركة ايه تى كروس، وبعيدًا عن تطرق التقرير لأنواع الأقلام المستخدمة من قبل رؤساء الولايات المتحدة فإن رمزية قوة القلم لدى الرئيس الأمريكى تعنى الكثير.. فقد تكون فى كثير من الأوقات أقوى من استخدام الزر النووى.
قوة القلم
إبان حملته الانتخابية، اعتاد ترامب على إطلاق وعود بدت للملايين عبر أنحاء الولايات المتحدة والعالم بشكل عام صعبة التنفيذ، إلا أن رهان العقارى الثرى كان دومًا على قوة قلم رئيس الولايات المتحدة، وهذا ما كشف عنه بكل وضوح فى 10 أكتوبر الماضى، عندما تحدث عن قرارات تنفيذية لتغيير نظام الرعاية الصحية الفيدرالى، قائلاً عبر حسابه على تويتر :"إذا لم يستطع الكونجرس فعل شيء حيال نظام الرعاية الصحية، فسوف استخدم قوة تأثير القلم لإعطاء نظام الرعاية الصحية لأكبر عدد من الناس فى أسرع وقت".
"شخبطة" قلم ترامب على حد تعبير عدد من وسائل الإعلام تمكنت من كسر العديد من التابوهات وتدمير اتفاقيات دولية وإقليمية وتغيير أوضاع قائمة منذ عقود، ولم يبالى بأى انتقاد أو عرف أو غضب جماهير، فقد بدى أن قطاره سيسير فى طريقه على أن يتوقف فى محطات محددة لتوقيع قرار ثم مضى مجددًا.
حبر أقوى من الزر النووى
كم مرة جلس ترامب على مكتبه البيضاوى ممسكا قلمه الفاخر لتوقيع قرار مثير للجدل؟، سؤال ربما يشغل بال العالم كثيرًا فى نهاية الفترة الرئاسية الأولى للحاكم الأمريكى، خصوصا أنه لم يمضى سوى عام وأزيد قليلا على توليه مقاليد الحكم داخل البيت الأبيض، لكن قرارات لا حصر لها قد صدرت بالفعل، ومنها ما أحدث صدى إقليمى ودولى.
على سبيل المثال، توقيع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالأخيرة عاصمة لإسرائيل، القرار الذى لن ينسى بالتقادم، حيث سيظل توقيع ترامب عليه راسخ فى أذهان الملايين مهما تقدم الزمن!. ومن السفارة الأمريكية إلى انسحابه من الاتفاق النووى الإيرانى الذى اعتبره الكثيرون واحدا من إنجازات الرئيس السابق باراك أوباما، بعدما وقعه فى يوليو 2015، بالاشتراك مع 5 دول كبرى هى فرنسا وألمانيا والصين والمملكة المتحدة وروسيا، ودخل حيز التنفيذ فى يناير 2016 لكن كل هذا لم يعجب الرئيس الأمريكى وقرر استخدام قلمه من أجل تصحيح الأوضاع مبررًا انتهاج النظام الإيرانى سلوك عدوانى يحتاج للعقاب وليس للتعاون والاتفاق.
وفى إطار الحديث على قلم ترامب والتوقيع على القرارات المثيرة للجدل لا يُمكن نسيان أول صورايخ بإصدار ما أسماه مرسوم حماية الأمة فى 28 يناير 2018، ويتمثل فى منع موطنى 7 دول من دخول الولايات المتحدة لمدة 90 يوما، وكذلك وقف العمل بالبرنامج الفيدرالى للاجئين لمدة 120 يوما، وحظر دخول اللاجئين السوريين لحين إشعار آخر، أو اتخاذ الرئيس قرار مغاير.
الاتفاقيات الاقتصادية لم تسلم من قلم ترامب وتوقيعاته أيضًا فقد أثار قلق العالم بعد فرضه تعريفات جمركية قدرها 25 % على واردات الصلب و10 % على الألومونيوم المستورد، فى ظل استيراد الولايات المتحدة الصلب من حوالى 110 دول حول العالم، فيما تتركز 78% من واردات الصلب الأمريكية من 10 دول هى على الترتيب: كندا والبرازيل وأمريكا الجنوبية والمكسيك وروسيا وتركيا واليابان وتايوان وألمانيا والهند.
كل ما سبق الإشارة إليه، قد يكون بداية لقرارات أقوى وأخطر ستصدر من الرئيس الأمريكى الذى مازال أمامه متسعًا من الوقت لتوقيع مزيد من الأوامر التنفيذية خلال فترة حكمه الممتدة حتى عام 2020، والسؤال هل كل هذه التوقيعات سنجعل أمريكا عظيمة مجددًا؟.. هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة