بعد شهور من إعلان هزيمة داعش فى سوريا والعراق وإعلان دول التحالف أنها أنهت مهمتها بالقضاء على التنظيم الإرهابى، عادت من جديد هجمات الذئاب المنفردة إلى أوروبا وقتل شخص وجرح عدد آخر فى عملية الطعن التى وقعت فى باريس السبت. وقتل المهاجم وقالت السلطات الأمنية، إن دوافعه مجهولة بينما أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن حادث الطعن فى بيان نشرته وكالة «أعماق»، التابعة لداعش وقال، إن المهاجم كان «جنديا» فى داعش.
ويعد حادث الطعن هو الثانى، ففى 23 مارس الماضى، تعرضت منطقة كركاسون جنوب فرنسا لهجومين، حيث تم إطلاق رصاص على دورية للشرطة، واحتجز داعشى رهائن داخل سوبر ماركت بمدينة تريب جنوب فرنسا، وأطلق النار فقتل ثلاثة وأصاب آخرين، قبل أن يقتل برصاص الشرطة، وكان الداعشى يطالب بالإفراج عن صلاح عبدالسلام، المشتبه به الرئيسى فى هجمات باريس 2015.
لم تتوقف حوادث الطعن والدهس خلال الشهور الماضية، وإن كان داعش لم ينجح فى تنفيذ أى عمليات كبرى مثل هجمات استاد باريس أو مسرح لندن، لكن يظل هناك تساؤلات حول استمرار قدرة التنظيم على تجنيد أفراد جدد من أوروبا وتكليفهم بمهام، بينما تم الإعلان عن هزيمة التنظيم فى الشام، فيما يبدو نوعا من استمرار الغموض المحيط بالتنظيم، وقد وردت تقارير خلال الأسابيع الأخيرة بأن أبو بكر البغدادى خليفة داعش الغامض ما يزال حيا بعد إعلان إصابته ومقتله عدة مرات، حيث تم نشر أقوال لأحد مقربيه يقول، إن البغدادى ما يزال على قيد الحياة فى مكان ما من العراق أو سوريا.
وتعد فرنسا أكثر الدول الأوروبية تعرضا لهجمات داعش، منذ هجمات باريس فى نوفمبر 2015، والتى اتهم فيها صلاح عبدالسلام لكن استمرار الهجمات التى ينفذها من يسمون «الذئاب المنفردة» تشير إلى استمرار وجود خلايا ومجندين، خاصة مع تقارير توقعت خلال الشهور الماضية عودة أعضاء داعش من سوريا والعراق، خاصة غير المسجلين فى قوائم الترقب أو خارج بيانات أجهزة الأمن. وقد عجزت أجهزة الأمن الأوروبية دائما عن الكشف عن خيوط الترابط بين الدواعش المنفردين الذين ينفذون الدهس أو الطعن أو إطلاق النار وبين القيادات التى تصدر لهم التعليمات. وربما تبحث أجهزة الأمن عن علاقة بين منفذ هجوم جنوب فرنسا فى مارس ومنفذ حادث الطعن الأخير وعلاقتهما بالعائدين من داعش، وقد عاد خلال العام الماضى 271 متطرفًا من مناطق النزاع فى العراق وسوريا إلى فرنسا، حسب تقارير الداخلية الفرنسية فى أغسطس الماضى. ويقدر عدد الفرنسيين الذين انخرطوا فى صفوف الإرهابيين حوالى 1900تسعى أجهزة الأمن لتتبعهم بعد خروج أغلبهم من مدن الحرب فى سوريا والعراق.
لكن أخطر ما يواجه أجهزة الاستخبارات والأمن الأوروبية هو الخلايا النائمة والذئاب المنفردة من غير المسجلين فى قوائم الاشتباه المعهودة وهم الذين ينفذون العمليات المفاجئة، ومنها احتجاز وقتل الرهائن أو الطعن الأخير.
وتظل هناك نقاط غامضة فيما يتعلق باستمرار داعش تحت جلد المجتمع الفرنسى، وتواصل عمليات التجنيد مع العجز عن تكوين تصور واضح عن طبيعة الخلايا المنتشرة والتى يبدو أنها ما تزال نشطة وقادرة على تخطيط وتنفيذ عمليات خاطفة عن طريق انتحاريين، يعرف كل منهم أنه سوف يقتل أثناء تنفيذ الهجمات، بعد أن يكون قد قتل أو جرح مواطنين ليحقق هدف العمليات الإرهابية وهو زرع الخوف فى هذه المجتمعات، والتأكيد على أن داعش ما يزال قادرا على تنفيذ عمليات ترهب الفرنسيين أو الأوروبيين بما ينفى انتهاء داعش مثلما أعلنت تقارير جيوش التحالف فى سوريا والعراق، وكل هذا يجدد الغموض حول مصير التنظيم الإرهابى فى أوروبا، وأيضا فى باقى الدول بعد انتقال أعداد من الإرهابيين علنا ضمن صفقات فى سوريا والعراق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة