تحل اليوم ذكرى رحيل نور الدين زنكى، وهو ابن عماد الدين زنكى بن آق سنقر، ولقبه الملك العادل، ومن ألقابه الأخرى ناصر أمير المؤمنين، تقى الملوك، ليث الإسلام، كما لقب بنور الدين الشهيد رغم وفاته بسبب المرض، وهو الابن الثانى لعماد الدين زنكى، رحل فى 15 مايو 1174.
حكم نور الدين زنكى حلب بعد وفاة والده، وقام بتوسيع إمارته بشكل تدريجى، كما ورث عن أبيه مشروع محاربة الصليبيين، وبحسب ما يذكره كتاب "نهضة الأمة بين عوامل الانحدار وسبل الارتقاء: نظرة تاريخية تحليلية"، للدكتور عدنان زهران، فإن "نور الدين" تميزت فترة قيادته السياسية والإدارية والعسكرية بالتزامها العقائدى، فى جميع نشاطاتها وممارساتها، حتى وصفه المؤرخون بسادس الخلفاء الراشدين، وأنه لم يأت مثله بعد عمر بن عبد العزيز، وكان يحفظ القرآن ويكثر الصلاة فى الليل، وكان محدثا سمع الحديث وأسمعه وجمعه، وكان حنفى المذهب عارفا بمذهب أبو حنيفة لكن دون تعصب إلى أحد المذاهب، فكان عنده سواء لا يعدو أن يكون مدرسة فى الفقه.
شملت إمارته معظم الشام، وتصدى للحملة الصليبية الثانية، ثم قام بضم مصر لإمارته وإسقاط الفاطميين، وتحويل الخطبة للخليفة العباسى فى مصر بعد أن أوقفها الفاطميون طويلا، وأوقف مذهبهم، وبذلك مهَّد الطريق أمام صلاح الدين الأيوبى لمحاربة الصليبيين وفتح القدس بعد أن توحدت مصر والشام فى دولة واحدة.
بدأت علاقة صلاح الدين الأيوبى بنور الدين منذ لجوء والد صلاح الدين نور الدين نجم الدين بعماد الدين زنكى بعد عزله من ولاية تكريت بعد خلاف مع رئيس شرطة العراق، وكان قدم خدمات لعماد الدين زنكى، وعندما لجأ إليه لم يخذله، ومع تولى نجل عماد الدين، نور الدين الولاية بدأ فى توسيع دولته، وبحسب كتاب "الناصر صلاح الدين الاتحاد قبل الجهاد" للدكتور محمد الشافعى، فإن نور الدين استهل بداية حكمه بمهاجمة إمارة أنطاكية واستولى على عدة قلاع فى الشام.
ويوضح كتاب "شخصيات من التاريخ: سير وتراجم موجزة" للدكتور على محافظة، أن الخليفة العباسى المستنجد بالله، أراد القضاء على الخلافة الفاطمية فى مصر، فاستعان بنور الدين، فكلف نور الدين صلاح الدين بهذه المهمة، وفى أواخر عام 1170، كان صلاح الدين أنهى مهمته بنجاح، وقام بإبطال المذهب الشيعى، وأصبح حينها صلاح الدين نائب نور الدين فى مصر، وتوحدت بذلك مصر والشام والمماليك الإسلامية تحت راية نور الدين.
وبعد وفاة نور الدين، فى عام 1174، لم يكن له إلا طفل صغير لم يتجور الحادية عشر من عمره، وهو الملك الصالح إسماعيل، وحدث خلاف بين قادة الجيش، وهنا برز صلاح الدين فى حمأة الصراع على السلطة، وتقدم إلى دمشق وحسم الموقف، بتنصيب نفسه وصيا على حكم نور الدين، ثم عاد إلى مصر وتلقى تفويض الخليفة العباسى بالحكم فى الإمارات السابقة سنة 1176.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة