وتصرخ أم كلثوم:
وإيه يفيد الزمن مع اللى عاش فى الخيال؟
صرخت ولم تنتظر إجابة، فلا معنى للزمن، لا معنى للعمر، لا معنى لليوم أو الأمس أو الغد، لأن المعنى تشكله أنت، ترسمه أنت، تعدله أنت، تقلبه يمينا ويسارا، ترفعه حتى ترتفع، أو تدنو به حتى يحط من شأنك وييهبط من قدرك، معنى العمر لا يتلخص فى السنين والأيام والشهور والأسابيع، لعمرك معيار خاص، تختاره أنت.
قل لى: كم ضحكة مزقت أمعاءك من شدتها؟ كم قبلة قبلتها وأنت غير مدرك لحدود جسدك؟ كم مرة انتشيت بالموسيقى حتى سكرت؟ كم مرة خشعت فى صلاتك حتى وصلت؟ كم مرة قدت سيارتك فشعرت أنك تطير فى السماء؟ كم مرة نظرت إلى نفسك راضيا؟ كم حلما حققت؟ كم عملا عملت فهتفت لنفسك: إيه الجمال ده؟ كم مرة شعرت بالشجن فانهمرت دموعك بلا اكتئاب أو حزن، كم مرة عانقت فيها شيئا لا تراه فشعرت أنك تراه؟ كم شغفا قادك إلى ما لم تتوقعه؟ كم مرة استطعت أن تهزم خوفك بالأمل؟ كم مرة استطعت أن تكبح غرور انتصارك بيقينك بأنك فان؟
إحنا قاعدين شوية وماشيين.. فنقعدهم مبسوطين.
هذا الشعار هو ما توصلت إليه وأنا أقف على باب الـ«40» بعد أن احتفلت أمس الأول بعيد ميلادى الـ«39» أقول هذا الشعار محتفلا بحياتى التى أحبها كما هى، محتفلا بالرضا بما أنعم الله على، والصبر على ما لم يقدره بعد، باب هنا وباب هناك، وفى الرحلة لا أبتغى سوى أن أرى السعادة من عيون من أحب، وقبل هذا أن يكون لى أناس أحبهم ويحبوننى، فى الرحلة لا أطلب من الله سوى الرضا، فى الرحلة لا أبتغى سوى حسن الصحبة، صادق واحد يعادل أمة من الأصحاب، خليلة واحدة تعادل قبيلة من النساء، قوت يوم واحد يعادل كنوز أغنى الملوك، أنت فى عيد يومى إذا ختمت يومك بابتسامة، والشرور جسور نعبر عليها متعبين لكى نصل إلى الصفاء، والحلم الأسمى بأن نصل تلك المرحلة الصافية من التناغم الكونى بألا نحزن على ما فاتنا، ولا نفرح بما أوتينا، فالحزن دليل القنوط، وفرح الغرور دليل التصاغر والضعة، ولنا فى الخيال حياة.