خبر سار ونحن على أعتاب شهر رمضان الفضيل، الرئيس عبدالفتاح السيسى، أصدر قرارا جمهوريا بالعفو عن 332 محبوسا من الشباب والحالات الصحية، الصادر بحقهم أحكام قضائية نهائية، وضمت القائمة عددا كبيرا من شباب الأحزاب المعارضة الذين تظاهروا بدون تصريح فى مناسبات مختلفة، وتم القبض عليهم واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، حتى صدر بحقهم حكم نهائى.
الخبر السار هو فى قرار الرئيس الذى طالب وزير الداخلية أن يتم الإفراج عمن شملهم العفو بسرعة، ليتمكنوا من تناول السحور الليلة مع عائلاتهم فى لفتة إنسانية كريمة، وهنا فى هذا السياق، لماذا لا يحذو كل مسؤول فى الدولة حذو الرئيس فى تطبيق روح القانون وتوظيف السلطة المخولة له وفق الدستور باتجاه الرحمة لا باتجاه القسوة والتعسف، الرئيس مشكورا يقدم النموذج بعد النموذج على الإنسانية والرحمة والتعامل برفق وأبوة مع أبنائه ممن لهم صوت مخالف لسياساته ويعلنون ذلك فى مناسبات عامة بالتظاهر، ولكن هل نحمل العبء كله على الرئيس؟ هل ننتظر أن يتم القبض على مجموعات الشباب المتظاهرين ثم إحالتهم للمحاكمة وخضوعهم للتحقيقات ودرجات التقاضى المختلفة، وهم محبوسون احتياطيا، وفى النهاية يصدر ضدهم حكم نهائى بات، وساعتها يهرول ذووهم إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان، للمطالبة بإدراجهم بقوائم الحالات المرفوعة للرئيس حتى يتم العفو عنها.
أقول إن هناك حالات من المقبوض عليهم، لم يكونوا من المتظاهرين أو دعموا المتظاهرين بالوقوف معهم، وهم لم يرتكبوا أى جريمة مثل إتلاف الممتلكات العامة أو الخاصة، أو حتى توجيه ألفاظ خادشة ومسيئة لأحد المسؤولين، بل لم يرفعوا أصواتهم بالهتافات وترديد الشعارات فى المظاهرات، ورغم ذلك تم القبض عليهم وخضوعهم للمحاكمة بتهم عديدة وصدرت بحقهم أحكام قضائية، وعلينا أن ننتظر انتهاء درجات التقاضى وصدور حكم نهائى ضدهم حتى يتسنى لأسرهم الدخول فى دوامة طلب العفو الرئاسى عنهم.
هل من طريقة لتطبيق قانون التظاهر دون تعسف؟ هل من طريقة لعدم الزج بالمعارضين فى عربات الترحيلات لإخضاعهم لتحقيقات واتهامات عديدة تنتهى بسجنهم؟ هل من طريقة للتفرقة بين من يتظاهرون لإتلاف الممتلكات أو للاعتداء على السلطات أو حتى برفع لافتات مسيئة وبين من يتظاهرون سلميا للتعبير عن موقف أو رأى؟ أعلم أن هناك قانونا للتظاهر، وأنا شخصيا من أشد داعميه، وأطالب بتفعيله بشرط عدم التعنت فى إصدار تصريحات التظاهر، لكن علينا أيضا أن ننظر بعين التفهم والرحمة والتسامح لأشد المختلفين والمعارضين.
نحن نحتاج إلى مصالحة واسعة مع الفئات المختلفة والمعارضة على أرضية وطنية، أولئك الذين اشتركوا وناضلوا فى مواجهة الإخوان الإرهابيين وفئات المتطرفين فى الداخل وتحملوا أشد الإجراءات الاقتصادية صعوبة حتى تقف البلد على قدميه، والعقل يقول إننا بحاجة إلى مزيد من الاصطفاف الوطنى وعدم فتح ثغرات يتسرب منها من هم فى الصف إلى النقيض، وذلك لا يمكن أن يتم إلا بمزيد من التسامح والتفهم والرحمة من قبل السلطة التنفيذية تجاه مخالفيها فى الرأى، مزيد من الحريات والتسامح يقوى الصف الوطنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة