مجدداً عادت الابتسامة لمصر بعقد المؤتمر الوطنى الدورى للشباب الذى كانت محطته هذه المرة القاهرة، وشهد حضور القوى السياسية وشباب السياسة وفئات من مختلف المجالات، مثل الأحزاب السياسية والجامعات ووزارة الشباب والرياضة، ومع الحضور كان النقاش ساخنا كعادة مؤتمرات الشباب منذ انطلاقتها الأولى فى شرم الشيخ قبل عامين تقريبًا.
مؤتمرات الشباب أضافت حراكا سياسيا ومجتمعيا كبيرا وتفاعلا كنا نفتقده، لأننا فى الأساس لم نكن نعتمد على الشباب، ولم تكن الدولة تنظر لهم على أنهم مكون أساسى فى أى خطط مستقبلية تستهدف التنمية والارتقاء بالدولة، إلى أن جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى وغير نظرة الجميع للشباب بأن تبنى مشروعاتهم واستمع لآرائهم وأفكارهم وتبنى الكثير منها، وخصص عاما كاملا باسم عام الشباب، وأطلق فكرة مؤتمرات الشباب، التى طافت عددًا من المحافظات فى تقليد جديد لم يكن متبعًا من قبل.
ولا أعتقد أن أحدًا كان سيفكر فيه، لأنه للأسف الشديد كانت الأنظمة السابقة، سواء فى مصر أو غيرها من دول المنطقة، تعادى الشباب، ولم تحاول أبدًا الاستفادة منهم، لكن الوضع الآن تغير فى مصر التى أطلقت مؤتمرات الشباب، والتى كانت السبب أيضًا فى إطلاق منتدى شباب العالم من شرم الشيخ، والذى أطلق أيضًا العديد من المبادرات الشبابية المهمة، وكان منها نموذج محاكاة الاتحاد الأفريقى الذى عقد فى القاهرة، الأحد الماضى، وشهد ظهور نماذج شبابية من مصر ودول أفريقية أستطيع القول، بكل ثقة، إنهم قادرون على تحمل المسؤولية فى أى وقت.
مؤتمر أمس شهد ثلاث جلسات، الأولى كانت بعنوان رؤية شبابية لتحليل المشهد السياسى المصرى، والثانية بعنوان رؤية الدولة المصرية للأربع سنوات القادمة، وتضمنت تحليلًا للانتخابات الرئاسية، أما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان «اسأل الرئيس»، وهو التقليد الذى تعودنا عليه فى مؤتمرات الشباب الأخيرة، حيث يستقبل الموقع الرسمى للمؤتمرات أسئلة الشباب الموجهة للرئيس الذى يقوم بدوره بالإجابة عليها دون إقصاء لأى سؤال، أيا كان سؤاله أو نوعية السؤال، وقد تابعنا فى المؤتمرات السابقة كيف أجاب الرئيس على الأسئلة بشفافية تامة طالما اعتدناها من الرئيس.
ولا أستطيع أن أخفى إعجابى بفكرة «اسأل الرئيس»، لأنها كما سبق وقلت تقليد جميل، استطاع أن يخلق آلية مهمة للتواصل بين الشعب والرئيس، وتعزيز الثقة ومد جسور الحوار بين المواطنين والقيادة السياسية، وكان لها دور مهم فى توصيل أفكار الرئيس مباشرة إلى المواطنين دون وسيط، والرد على ما يدور فى تفكيرنا من تساؤلات وقضايا تشغل بال كل مصرى، وليس فقط من يحضرون هذه المؤتمرات، وهو ما أضاف زخمًا لهذه المؤتمرات.
بالتأكيد نجحت مؤتمرات الشباب فى حل كثير من المشكلات والتحديات التى تواجه الدولة المصرية، وكذلك التفاعل مع المطالب الجماهيرية المختلفة، مثل الإفراج عن مئات من الشباب، وحل مشكلات تتعلق بتشغيل المصانع وتطوير العشوائيات وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، ودعم الابتكار والتعليم، من خلال تبنى الدولة بداية من رئاسة الجمهورية والحكومة لكل ما صدر عن المؤتمرات الشبابية من توصيات، وهو ما زاد من ثقة المصريين فيما تشهده مؤتمرات الشباب من نقاش.
وقد كنت سعيد الحظ بحضور أغلب هذه المؤتمرات، سواء فى شرم الشيخ أو القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية وأسوان، ورأيت كيف استطاع المؤتمر كسر حالة الرهبة وحاجز الخوف الذى كان يفصل بين الشباب والدولة، وأيضًا اقتحام الشباب لكل المشاكل ليس فقط من خلال الإشارة إليها، بل وطرح الحلول لها، وهو ما أضاف مزيدا من الزخم.
أعتقد أن اختيار توقيت مؤتمر أمس كان جيدًا من وجهة نظرى، لأنه جاء قبل أيام من أداء الرئيس السيسى اليمنى الدستورية لفترة رئاسية ثانية، وعودة الحديث مرة أخرى للمطالبة بظهير سياسى أو حزب سياسى للرئيس يترجم مطالب الشعب إلى واقع ملموس، فمنذ انطلاق الدورة الأولى لمؤتمر الشباب وأنا أقول إن هذه المؤتمرات هى أكبر ظهير سياسى للرئيس، بل تفوق فى قوتها وتنظيمها أى حزب سياسى، مهما كانت قوته، لأن الشباب أثبتوا للجميع أنهم أقوى من أى تنظيم، فقط إذا حصلوا على الثقة، وقتها فقط سينحتون فى الصخر.
مرة أخرى أؤكد أن مؤتمرات الشباب تمثل الابتسامة المرسومة على وجه مصر، لم لا والشباب هم زينة أى دولة، وبأيديهم تتقدم الأمم؟! وهو ما أدركته مصر جيدًا ومنحت الشباب ما يحتاجونه من ثقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة