أحمد إبراهيم الشريف

الأفاضل.. عواد أحمد على المعلم الأول

السبت، 19 مايو 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان أباؤنا، الذين لم يذهبوا إلى المدارس، يعرفون أنه من حسن حظ أولادهم أن يتعلموا على يد الأستاذ عواد أحمد على.
 
وأنا فى يومى الأول بالصف الثانى الابتدائى، دعوت الله فى الصباح أن يكون هو مدرس الفصل، وقد كان، فتعلمت على يديه عامين متتاليين.
 
لم يكن مجرد رجل يعلمنا الكتابة والقراءة، كان ذلك وأكثر، وكانت حكاياته لنا بمثابة السحر، يحكى أنه فى سنوات تعلمه القديمة كان يأخذ «مصروفه» خمسة مليمات كل صباح، لمدة أسبوع، وعندما يسلم والدته، البنطلون والقميص فى نهاية الأسبوع لتغسلهما، كانت تجد المليمات كاملة فى جيب البنطلون، فتأخذها، وتبدأ مرة أخرى منحه خمسة مليمات كل صباح.
 
أما طريقته فى التعليم فكانت نموذجية فى كل شىء، يظل يشرح ويعيد ويكرر ويبسط الأمر ويطالبنا بالمشاركة حتى يتأكد أننا تعلمنا وأتقنا ما يقوله، وكنا نرتبط به نفسيا بشكل غريب، وتدريجيا يتحول فى أذهاننا إلى أيقونة «المعلم الأول».
 
يحكى من كان قبلنا أنه فى سنوات قديمة، قام الأستاذ عواد أحمد على، بجمع أولاد القرية الذين تخلفوا عن التعليم، وأقام لهم نظام الفصل الواحد، علمهم القراءة والكتابة، ثم ألحقهم بالصف السادس الابتدائى مباشرة، وقد كانت القوانين تسمح بذلك، كبروا وتعلموا وصاروا معلمين ومهندسين ورجالا محترمين بعد ذلك.
 
إن أجمل ما فى الأستاذ عواد أحمد على، أنه يطور علاقته معك، لا يتوقف أبدا عند فكرة أنه معلمك، بل يأخذ الأمر منحى جديدا كل يوم، فى البداية أنت تلميذه الذى تتعلم على يديه، بعد أن تكبر وتصل الإعدادية تصير تلميذه الذى يتابعك «فرحا بنجاحك» وفى الثانوية «يضعك ضمن تلاميذه الذين يفخر بهم»، وفى الجامعة تتطور العلاقة أكثر، يعاملك كرجل ناضج تعرف ما تفعله، بعد ذلك يراك صديقا، فيحكى لك عن الحياة وأزماتها ومشكلاتها، وآمالها أيضا.
 
من المشاهد العظيمة التى أحبها له، عندما كان يجلس وفى يده جريدة، يقرأ ويشرح لآبائنا الذين يتحلقون حوله والذين لا يعرفون القراءة ما تقوله الصحف، ثم يدلى برأيه السياسى الواضح كان يحب أشياء ويكره أشياء، وقد كان من أنصار الثورة، يدعو إليها ويدافع عنها، وقد أمد الله فى عمره حتى رآها.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة