وائل السمرى

الإمام الحكيم

الأحد، 20 مايو 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يجتمع أقصى متطرفى الشيعة مع أقصى متطرفى السنة على حب امرئ مثلما اجتمعوا على حب الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، وللأسف أيضًا لن تجد صحابيا تعرض للظلم التاريخى ولطمس الآثار مثلما تجد عليًا، وذلك بسبب ذلك التنافس التاريخى.
أما منهج الإمام على فى الفقه ومرجعيته فيه بعد القرآن والسنة فنستدل عليه من بعض ما قاله، وأشهر مقولاته فى هذا الشأن هى «لكل فضيلة رأس ولكل أدب ينبوع، ورأس الفضائل وينبوع الأدب هو العقل، الذى جعله الله تعالى للدين أصلاً وللدنيا عمادا» ومن هذه المقولة نتأكد من أن الإمام على كرم الله وجهه كان يعد العقل نبراسه وهاديه ومقومه ومدعمه، بل كان يعده أصل الدين وعماد الدنيا، ويعد الإمام أن العلم هو المكون الأول لشخصية الحاكم أو الإمام، فيقول «من ينصب نفسه للناس إمامًا، فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه».
مثال على فطنة الإمام وإلمامه بعلوم الدنيا ما دار من حوادث بين الخليفة عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب الذى كان يعده عمر مستشاره الأول وقاضيه العالم، فقد أمر عمر بإقامة الحد على امرأة زنت فمنعه الإمام قائلا إن هذه المرأة «مبتلاة» أى مجنونة، وذكره بحديث الرسول القائل «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المبتلى حتى يعقل» ولما وجد الإمام أن شرب الخمر استشرى فى البلاد خاصة الأمصار المفتوحة حديثا خشى أن تتوغل هذه الرذيلة فضاعف حد شرب الخمر من 40 جلدة كما كان يفعل الرسول إلى 80 جلده ملتزما بروح الإسلام الذى يأمر بالعدل ويحافظ على المجتمع ومتبعا حكمة الرسول من تنفيذ الحد وليس حرفيته.
وكأقصى ما يلتزم به الفرد من حقوق الإنسان منع على بن أبى طالب عمر بن الخطاب من إقامة الحد على امرأة زنت وحملت سفاحا، فقال له أنه لا سلطان لك على ما فى بطنها، ثم قال له لعلك انتهرتها أو أخفتها فقال له قد كان ذلك فقال الإمام: أو ما سمعت النبى، صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا حد على معترف بعد بلاء» فأخلى عمر سبيلها، امرأة أخرى أتت عمر بن الخطاب وادعت أن رجلا كانت تهواه اغتصبها وأتت بثوبها قائلة إن عليه أثر منىّ الشاب فسأل عمر النساء فقلن له: إن ببدنها وثوبها أثر المنى، فهم بعقوبة الشاب، فاستغاث الشاب مقسما على أنه لم يمسس المرأة، فاستشار عمر الإمام فنظر على إلى ما على الثوب، وطلب ماء ساخنا وصبه على الثوب فجمد ذلك الذى كانت تدعى المرأة أنه منى وظهر أنه بياض بيض ثم أخذه واشتمه وذاقه، فعرف طعم البيض، وزجر المرأة فاعترفت، هذا هو على بن أبى طالب الذى ولد فى الكعبة ومات فى المسجد المبشر بالجنة، والذى تدلنا حياته ومنهجه على مدى تقديسه للعقل ومراعاته للعدل.
• نشرت هذه الحلقات بشكل مطول فى رمضان 2012 تحت عنوان «فقهاء التنوير»، وأعيد نشرها احتفالا بشهر رمضان الكريم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة