ينذر الوصول المرتقب لحكومة شعبوية مناهضة للمؤسسات ومن أقصى اليمين الى الحكم فى ايطاليا، بمزيد من الجدل حول طريقة التعامل مع تدفق المهاجرين بعدما لوحت باحتمال القيام بعمليات طرد جماعية.
ومع استعداد ائتلاف يضم حركة خمس نجوم المناهضة للمؤسسات وحزب الرابطة، لتولى الحكم فإن فرص وصول المهاجرين إلى إيطاليا بعد رحلة محفوفة بالمخاطر فى البحر انطلاقا من ليبيا، تبدو ضئيلة أكثر.
وبهدف التصدى لتدفق المهاجرين من ليبيا، وقعت حكومة يسار الوسط المنتهية ولايتها اتفاقات مثيرة للجدل مع الحكومة الليبية وسلطات محلية، منها مجموعات مسلحة، وقد وصل نحو 700 ألف شخص إلى السواحل الايطالية منذ 2013.
ولوقف هذه المأساة الإنسانية، قامت ايطاليا وبدعم من الاتحاد الاوروبي، بتدريب عناصر خفر السواحل الليبيين وتزويدهم بالمعدات من أجل اعتراض المراكب قبل وصولها إلى المياه الدولية.
ومنذ مطلع العام، سجلت وزارة الداخلية وصول 7,100 شخص انطلقوا من ليبيا و3,500 آخرين من تونس أو الجزائر أو اليونان.
وبحسب وكالة الهجرة الدولية، اعترض الليبيون بدورهم 6500 شخص كانوا يسعون للوصول إلى الطرف الجنوبى الاقصى لاوروبا.
والحكومة الشعبوية الجديدة قالت إنها ستدفع الشركاء فى الاتحاد الأوروبى لتعزيز الحدود الخارجية للاتحاد وقبول حصة أكثر إنصافا من المهاجرين المنتشرين فى القارة وبشكل تلقائى.
وتريد أيضا تسريع اجراءات اللجوء وترحيل المرفوضين ومواطنى دول تعتبر "آمنة".
وللمساعدة فى تمويل العملية ستعيد الحكومة تخصيص قسما من ميزانية 2017 4,2 مليار يورو (4,8 مليار دولار) التى رصدت لعمليات الانقاذ، لتقديم المساعدة الصحية وادارة مراكز الاستقبال.
وتراجعت ارقام المهاجرين الواصلين إلى ايطاليا بنحو 80 بالمئة فى الفترة من يوليو 2016 إلى تموز/يوليو 2017 بعد أن توصل ماركو مينيتى، المنسق المخضرم فى اجهزة الاستخبارات والذى اصبح وزيرا للداخلية فى ديسمبر 2016، إلى اتفاق مع طرابلس لوضع المهاجرين فى مراكز اعتقال على الاراضى الليبية.
وانتقدت منظمات حقوق الانسان والأمم المتحدة معظم تلك المراكز ونددت بالظروف "غير الإنسانية" فيها.
وتراجعت اعداد الواصلين ايضا بسبب تغيير رئيسى فى تلك الإجراءات. ففيما كان خفر السواحل الايطالى فى السابق يقوم بتنسيق عمليات الانقاذ من روما، أصبحت تلك السلطة الان بشكل كبير مع طرابلس.
وبالنسبة للمهاجرين، فإن ذلك الفارق مهم. فالتنسيق من جانب روما يعنى نقلهم إلى إيطاليا، فيما تولى طرابلس تلك المهمة يعنى تركهم مرة أخرى تحت رحمة نظام يرزح تحت اعمال العنف وعمليات الابتزاز إضافة إلى ظروف معيشة سيئة.
وقالت كارلوتا سامى المتحدثة باسم المفوضية العليا لللاجئين التابعة للأم المتحدة "تراجعت اعداد الواصلين لكن ليس معاناتهم".
وتقول فيتوريا وهى نيجيرية عمرها 21 عاما وصلت إلى صقلية فى وقت سابق هذا الشهر بعد أشهر أمضتها، كما قالت لوكالة فرانس برس، فى ظروف مزرية فى ليبيا "لم أخف من الماء لان الله خلق الماء. لا اخشى الموت فكلنا سنموت فى وقت ما. أخشى أكثر إذا قبضت على الشرطة الليبية مرة اخرى لكنهم شريرون للغاية".
ونقلت على متن سفينة الانقاذ اكواريوس التى تستأجرها منظمتا "اس او اس المتوسط" و"أطباء بلا حدود"، بعد أن انقذها زورق أصغر تديره منظمة غير حكومية اسبانية استجابة لاتصال من خفر السواحل الايطاليين.
وتم إبلاغ طاقم الزورق الاول بأن ليبيا تقوم بتنسيق عملية الانقاذ، لكن خفر السواحل فى الدولة الواقعة فى شمال افريقيا، لم يظهر. وبعد تأخر استمر ثلاثة ايام، قبلت إيطاليا بنقلهم.
وتتعثر جهود المنظمات غير الحكومية بطلب طرابلس من السفن الابتعاد -- حتى فى حالات لا يمكن لليبيين فيها التدخل بأنفسهم بسبب المسافة أو الافتقار للموارد.
ويقول روبن نوغباور، المتحدث باسم المنظمة الالمانية غير الحكومية "سي-ووتش" إن "هذا يضعنا فى مواقف مستحيلة". ويضيف "إذا امتثلنا، ننتهك واجب الانقاذ. واذا لم نتمثل نجازف بعدم تمكننا من احضار المهاجرين إلى ايطاليا أو بتعريض سفننا للحجز من جانب السلطات الايطالية".
فى الأسابيع القليلة الماضية أجبر الايطاليون سفنا تابعة لمنظمات غير حكومية على مغادرة مناطق إنقاذ لايام، وهو تكتيك يعنى بحسب فريدريك بينار مدير "اس او اس المتوسط" بأن "الاولوية لم تعد فعالية الانقاذ".
وقال المدير الاقليمى لمنظمة "اس او اس المتوسط" فيديريكو سودا "إن عمليات العبور اليوم أكثر خطورة من أى وقت مضى". وسجلت منظمته مصرع أو فقدان 383 شخصا قبالة سواحل ليبيا هذا العام حتى الان، أى ما يمثل 2,8 من اعداد المغادرين المعروفة، بارتفاع بنسبة 2,2% عن السنوات السابقة.
وتأمل الحكومة الايطالية الجديدة تطبيق تدابير اخرى سبق أن جربها مينيتى دون جدوى.
وبموجب تلك التدابير، ترفض ايطاليا استقبال المهاجرين الذى تنقذهم السفن الأوروبية إن كانت عسكرية أو إنسانية مخصصة للانقاذ.
وتأمل حركة خمس نجوم الشعبوية وحزب الرابطة اليمينى المتشدد، أن تعيد فى أسرع وقت ممكن غالبية الواصلين الجدد بتسريع إجراءات اللجوء وطرد الذين ترفض طلباتهم، إضافة إلى ما يقدر ب 500 ألف مهاجر غير شرعى.
لكن بالوتيرة الحالية -- طرد 6,514 مهاجر فقط فى 2017 وسط معارضة الدول التى انطلقوا منها فإن العملية يمكن أن تأخذ اكثر من 75 عاما، بحسب وسائل الاعلام الايطالية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة