فى هذا اليوم يمكنك أن تجيب أى سؤال مهما كانت صعوبته بضغطة زر، يكفى أن تلجأ لمحرك البحث العملاق "جوجل" وتطرح عليه سؤالك لتجد آلاف الإجابات أمام عينيك فى ثوانٍ معدودة. ولكن قبل سنوات، فى العصر الذهبى للفوازير، سواء فوازير الإذاعة فى الستينيات أو الفوازير المصورة بدءًا من السبعينيات لم يكن الإنترنت ظهر فى مصر، ولم يكن بإمكان عشاق الفوازير الاستعانة بهذا المساعد السحرى، فكيف حل المصريون الفوازير وقتها؟
"كنا بنستمتع بروح الجماعة، إننا نقعد نحل ونتلم مع بعض ونتشاور"، بحنين تتذكر "نهى صالح" الذكريات المصاحبة لحل فوازير رمضان قديمًا وتقول: كنا ننتنظر فزورة نيللى أو شريهان أو عمو فؤاد ونظل مركزين جدًا مع الفزورة، منذ بدايتها وحتى الكلمة المفتاحية التى تقال فى آخر الفزورة، وكنا نعرف الحل وندونه فى دفتر للفوازير نكتب فى الأعلى اسم الفوازير ونرقم الحلول تحت بعضها، وبعد انتهاء الشهر نرسل الحلول على عنوان البريد و"زى كل سنة ما نكسبش حاجة خالص".
عدم الفوز لم يثنِ نهى ولا أسرتها أبدًا عن المشاركة، ليس فقط فى فوازير رمضان وإنما أيضًا فى كل المسابقات عبر الجرائد والراديو وتقول "المرة الوحيدة التى فزنا فيها كانت مسابقة جريدة الجمهورية لرمضان وهى مسابقة عن الآيات كنا نبحث عنها فى المصحف، والجائزة كانت عصارة برتقال على شكل برتقالة".
تفتقد نهى أجواء حل الفوازير و"اللمة" وتقول "اللمة كانت فى كل حاجة، على الأكل فى الفطار والسحور، ومع الجيران وقت تحضير الزينة"، تتنهد وتضيف "كان فى روح تانية مش موجودة دلوقتى، دلوقتى كل أوضة فيها تلفزيون وكل واحد معاه موبايل وبقت حاجة تزعل".
بنفس الإحساس تحكى "نهاد مصطفى" عن ذكرياتها مع الفوازير وتقول "كنا بنستنى الفوازير ونتجمع كلنا أنا وإخواتى ونأجل مشاورينا بعد الفزورة" تحكى بشكل خاص عن فوازير "حول العالم" التى قدمتها شيريهان عام 1987 وتقول: "كانت تستعرض معالم كثيرة لكل دولة وفى آخر الحلقة تقول الفزورة أو كلمة توحى باسم الدولة، فكنا نحلها ونكتب فزورة كل يوم فى ورقة بالأيام، كل يوم أمامه إجابته ونرسلها فى جواب إلى مبنى ماسبيرو وعلى الظرف اسم البرنامج".
توقفت نهاد عن إرسال الإجابات عندما شعرت بأنها لن تكسب أبدًا فتقول "بطلت أبعت بس كنت بحب أحلها وأكلم أصحابى فى التليفون الأرضى "أبو قرص" ونتناقش فى الحلول، كل واحد ورأيه".
كانت نهاد تتابع أيضًا برنامج الألغاز "25787120 إذاعة" الذى كان يقدم أسبوعيًا على إذاعة البرنامج العام وتقول "كنت بعشقه واستناه كل أسبوع"، وتتساءل "مش عارفة ليه الحاجات دى بطلوا يعملوها، يمكن الناس ماعادش عندها خلق للحاجات دى ولا فاضيين لها".
أما الجائزة الوحيدة التى حصلت عليها فى مسابقة فكانت تابعة لمجلة ماجد وتقول "كسبت مرة 10 جنيه فى مسابقة خاصة بالمجلة، واشترت بها حذاء جديد".
"ورقة فيلوسكاب جنب التلفزيون" المشهد الأبرز فى ذاكرة "هاجر وهبة" عن فوازير رمضان وتحكي: كنا نضع الورقة جوار التلفزيون وكل يوم نكتب الحل، ووقت الفوازير نعلن حالة طوارئ يصمت الجميع ونركز لنعرف الحل. تتابع: "لو شاكة فى إجابتين بكتبهم جنب بعض واستنى باقى الأيام فى الغالب بتظهر حاجة من الاتنين فى حلقة ثانية فبتأكد من الحل".
كانت "هاجر" تحب يوم إعلان النتيجة رغم أنها لا تتوقع الفوز وتقول "بحبها أكثر من المسابقة نفسها، لأنهم بيقولوا كل الحلول و أتأكد حليت صح أو لأ مع إنى عمرى ما كسبت، كنت بحب حالة إنى أعرف إن حليت صح".
"كنا بنستمتع ونفكر ونتعلم" تستطرد بحنين قائلة "لو وقفت معلومة أمامى اسأل الأقارب أو أبحث فى الكتب، ومثلاً فوازير الأمثال الشعبية كنت أسأل جدتى، رحمها الله، وأيام فوازير البلاد كنت أضع أطلس إلى جوار الورقة الفيلوسكاب، دلوقتى المعلومة اللى بنعرفها من جوجل بننساها عشان عارفين لو احتجناها تانى هنعمل سيرش ونلاقيها".
فوازير حول العالم
حالة الطوارئ نفسها كانت تعلنها أسرة "سمارة سلطان" وتقول "كان الميعاد مقدس، كلنا قاعدين جنب التلفزيون وكل واحد ماسك ورقة وقلم يكتب المعطيات فى الفوازير ونحاول نحل ونتنتاقش ونجرى لماما لحد ما نوصل للحل" تضيف "فى مرة قمنا بحل 27 حلقة من فوازير شيريهان والتلفزيون باظ على آخر 3 حلقات وماما مانعة إننا نروح عند حد ونتفرج، فبعد ما الشهر خلص لقينا صاحب أخويا جاى ومعاه كشكول وفيه الحلول وقعدوا يقارنوا الحلول وعرف منه حلول الـ 3 حلقات الناقصين".
ظلت سمارة وأسرتها وفية للفكرة حتى توقف عرض الفوازير رغم تأكيد والدتهم أنهم لن يكسبوا تضيف "رغم كده كنا أطفال وعندنا أمل، وكنا بنراجع أكثر من مرة للتأكد من حلولنا".
ذكريات "سمارة" مع الفوازير لا تتوقف عند الحلول وإنما أيضًا إرسال خطابات الحلول وتحكى "كنا بنجيب 3 جوابات ونكتب الحلول بورق ملون وخط جميل ونرسلهم بأسمائنا، وكنا نستغل أن ابن عمى خطه حلو عشان يكتب لنا".
أما علاقة "رنا أشرف" وأسرتها بالفوازير فلم تقتصر على شهر رمضان "كان فى فوازير بتيجى فى الأيام العادية يوم الجمعة، كنا نحبها جدًا وكان ماما وبابا يستنوها ويتناقشوا فيها، وبابا بصراحة هو اللى كان بيحلها".
وفى شهر رمضان كانت الأم هى التى تحرص على حل الفوازير وتقول "رنا": "كان عندها كراسة، تقعد تسمع الفوازير وتكتبها وتقرأها لحد ما تحلها، كانت كاتباهم بالأرقام، الفوازير فى صفحة والحلول فى صفحة، ولو حاجة وقفت معاها كانت تسأل بابا"، وفى نهاية الشهر كانت رنا تضع بيديها خطابات الحلول فى البريد. أرسلت والدة رنا الحلول أكثر من مرة ولم تتوقف إلا بدخول عصر الفضائيات وتقول "بطلت تبعت لما بقى عندنا دش، ومابقيناش نسمع الراديو على الفطار".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة