الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد وآله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين وبعد..
بالتأكيد عندما نطالع العنوان لا يسعنا إلا أن نعرف أن أبا هريرة هو الموهبة، التى نتكلم عنها اليوم ذلك أنه رضى الله عنه امتلك تلك القدرات والمهارات التى لا تتوفر فى الكثيرين، لقد كان صاحب نمطٍ فريد لم يتوافر لكثير من الناس، أسلم أبو هريرة على يد الصحابى الجليل الطفيل بن عمرو الدوسى رضى الله عنه وكان عمره عند إسلامه نحو ست عشرة سنة، وظل فى أرض قومه دوس إلى ما بعد الهجرة بست سنين، حيث وفد مع قومه فى العام السابع من الهجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. نعم جاء أبو هريرة متأخرًا جدًا، إلا أن النبى صلى الله عليه وسلم بفطنته وذكائه، ونظره الثاقب، ورؤيته الصحيحة، وإدراكه الدقيق لقدرات أصحابه ومواهبهم، استطاع أن يوجه تلك الموهبة الجديدة، التى انضمت لركب المسلمين التوجيه الأمثل، حيث أيقن حاجة الأجيال القادمة من المسلمين إلى من ينقل لهم تراثه وتعاليمه بل وحركاته وسكناته وآدابه، فاهتم به النبى صلى الله عليه وسلم ورباه وكان الناس يدعونه فى الجاهلية «عبدشمس»، فلما شرَّفه الله بلقاء النبى صلى الله عليه وسلم، قال له: «ما اسمك»؟، فقال: عبد شمس، فقال صلى الله عليه وسلم: «بل عبدالرحمن».. فقال: نعم عبدالرحمن، بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد أحبه أبو هريرة حُبًَّا شديدًا لدرجة أنه منذ أن قدم إليه لم يفارقه أبدًا، لقد جئت على قدر يا أبا هريرة بتدبير الخالق الحكيم سبحانه وتعالى، لتكون عضوًا بارزًا فى أداء هذه المهمة بانتقاء من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فالصحابة مختلفون، منهم القادة، ومنهم قراء القرآن الكريم، ومنهم التجار، وفيهم الزراع، كل هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعى أن فى الصحابة من يكتب الوحى الإلهى، كما أن منهم من يكتب الحديث النبوى، لكن عدد هؤلاء الكتبة فى هذا العصر قليل جدًا، فالعرب فى هذا الوقت لم تكن تعتمد الكتابة والقراءة كمنهج وحيد لنقل المعارف، ثم إن من يعرف القراءة والكتابة يحتاج لكسب المعيشة فقد لا يجد وقتًا كافيًا لملازمة النبى صلى الله عليه وسلم حتى يؤدى تلك المهمة الخطيرة فى هذا الوقت المهم من تاريخ الأمة الإسلامية، فكل صحابى اختار وجهةً أتقنها، وبرع فيها، لكن العبقرية النبوية تظهر بشكل جلى فى كيفية تنسيق هؤلاء جميعًا لبناء المجتمع السليم الراقى المتعاون، لقد اختار أبو هريرة التفرغ الكامل لخدمة النبى صلى الله عليه وسلم وتلقى العلم عنه، وأحيانًا يكون للتفرغ معنىً، فيا طلاب العلم فى كل مكان، اشغلوا أنفسكم بالقراءة ومطالعة العلم والبحث والدراسة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ»، ويهاجم كثير من المغرضين إكثار أبى هريرة من الرواية ويطعنون فيه ويقولون كيف يروى أبو هريرة عددًا أكبر مما رواه أبو بكر وعمر وعثمان وعلى مع أنهم سبقوه للإسلام!!! وينسى هؤلاء أن كل إنسان ميسر لما خلق له، ويرد أبو هريرة مبينًا أن سر تفرّده فى هذا الفن هو تشجيع النبى صلى الله عليه وسلم لهذه الموهبة الفطرية ودعمه لها فكان دائما ما يقول: «إنكم تقولون: أكثر أبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم والله الموعد، وإن إخوتى من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخوتى من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأً مسكينًا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة