إذا نظرنا إلى الحملات الإعلانية والدعائية من منظور التسويق يمكننا تفهم العملية كلها، والتى تقوم على تسويق السلع والأشخاص والأفكار ومن هذا المنظور، لم يكن عمرو خالد بعد إعلان الفراخ يختلف عنه قبلها، فهو رجل يجيد تسويق المنتجات سواء كانت «كلام أو مواعظ أو بيض أو فراخ أو عطور»، ربما يبدو الأمر فى إعلان «الفرخة» صادما وكاشفا، والداعية يستخدم ألفاظا وتعبيرات إيمانية خاشعة ويربط بين الفراخ والارتقاء الروحانى، مثلما يقدم وعودا لمستمعيه وتابعيه ليرسلهم إلى أوروبا أو إلى سوريا.
هى ليست المرة الأولى التى يستعمل فيها عمرو الدعوة فى الدعاية، وسبق أن ظهر فى الفيديو أمام الكعبة يدعو بالغفران لأعضاء الجروب، ومن عمل لايك للصفحة، فى حالة من الادعاء اللزج الذى ربما كان يتجاوز الفراخ والبيض والبسطرمة.
وعليه يفترض أن ننظر إلى قصة «الداعية والفرخة» من منظور الإعلان والتسويق للمنتجات وإعلانات رمضان أو غيره، المسألة من بدايتها لآخرها عملية تسويق ليست جديدة على عمرو خالد أو غيره من النجوم الذين صنعهم الإلحاح والدعاية والادعاء، وأصبحوا سلعة إعلانية جاذبة، يمكن أن تدر عائدا على شركات الدعاية، ثم إنهم سلع تسوق سلعا أخرى.
عمرو خالد نفسه كان نتاج عملية تسويق ناجحة، طبعا أسهم فيها بذكائه، وأيضا بخبراته وما تعلمه من فنون التسويق والشهرة، ولا شك لديه مواهب تمثيلية وتسويقية مهمة، صقلها بالدراسة والمتابعة لخبراء دعاية فى الخارج، البعض يصنفه أنه مع الجماعة أو مع السلفيين أو مع غيرهم، هو فى الواقع ليس أيا من كل هذا، إنه تاجر يبيع بضاعته، وأينما وجد المشترى فهو موجود، عمرو وغيره من نجوم المرحلة وكل مرحلة مع نفسه ومصالحه وما يحقق له المال والنفوذ، والجهات والشركات التى تدعمه وتسوقه تفعل ذلك بهدف الربح من ورائه، هو يربح وهى أيضا.
عمرو وزملاؤه قدموا مئات الإعلانات المباشرة وغير المباشرة، وحصلوا على الثمن، لا فرق هنا بين إعلان عن عطور أو بخور أو ملابس أو فراخ، أو مواعظ، ولم يكن الأمر لافتا، لأنه كان وسط زحام الشهرة ووجود تابعين نجح فى أن يبيع لهم منتجاته من الكلام.
ولم يكن عمرو خالد وحده، هناك عشرات من النجوم فى كل المجالات نجحوا فى تسويق أنفسهم وبضاعتهم، التى لا تختلف عن معجون حلاقة أو سمنة وزيت وشاليهات أو أدوية مقوية.
وبالتالى فإن واقعة الفرخة وعمرو خالد، كاشفة لحالة تسويق مستمرة، فعلها هو وغيره لصالح شركات سياحة لترويج العمرة، ولصالح مطاعم وفنادق ومنتجعات، وهذه المرة فقط انتبه لها البعض وأسهمت فى كشفها مواقع التواصل، الأمر الذى دفع عمرو للاعتذار عن إعلان الفرخة، لكنه لم يعتذر عن إعلانات أخرى أسهم خلالها فى ترويج منتجات وأفكار ومواعظ، وجدت طريقها لمستهلك يتأثر بالدعاية والإلحاح.
عمرو خالد ليس وحده، هناك مشايخ ودعاة ونجوم مدعون و«حالانجية» لا يبيعون الفراخ فقط، وإنما يبيعون الوهم ويروجون للكذب.