لم تكن الفراخ هى أول ولا آخر ما يروج له عمرو خالد أو غيره، وهو ليس الوحيد، لكنه واحد من سلاسل طويلة ومتشابكة ومعقدة، كل منها تمثل جزءا من لعبة ومنظومة البيع والشراء والتسويق، لكن الصدمة أن البعض قد يتقبل إعلانا يروج لنوع من السمنة أو الزيت أو الفراخ أو لكومباوند سكنى أو منتجع صيفى أو شتوى، لكن نفس الشخص يشعر بالصدمة إذا سمع أن هناك شركات لتسويق الأشخاص والأفكار وهى شركات دعمت الدعاة الجدد والقدامى، والهدف فى كل الحالات تحقيق أرباح لأشخاص وشركات.
كانت قمة الصعود للإعلان فى الثمانينيات، عندما هجمت شركات العقارات التى كانت تبيع الهواء وتمارس النصب، وتعلن عن مشروعات وشقق بأسعار وإقساط بسيطة وكانت تداعب العاملين بالخارج، بحثا عن أموالهم وكانت هناك بالفعل فوائض من الأموال والتدفقات تسعى الشركات الكبرى للحصول عليها ببيع وتسويق أحلام الرفاهية والشاليهات والمصايف التى شكلت الساحل بكل تفاصيله، وانتقلت لفئات متعددة.
شركات توظيف الأموال وأشهرها الريان والسعد والشريف وبدر، كانت أقصى درجات التجلى والتداخل بين الإعلان والتوظيف العلنى للدين، بل تزامن هذا مع ظهور دعاة يدفعون نحوالحجاب، ومحلات «السلام شوبنج سنتر لملابس المحجبات».
كانت محلات الريان تبيع اللحمة والكبدة والفراخ والشقق وفتح البارى فى شرح صحيح البخارى، وكتب التفاسير والكبائر بأسعار مخفضة، ومعها كتب وإصدارات وأفكار وشرائط كاسيت وأى شىء يمكن بيعه.
نموذج توظيف الأموال فى الثمانينيات كان أكبر نموذج للتسويق الوهم فقد كانت تمول دعاة وصحفيين وفنانين لترويج وجذب المودعين، كانت عمليات تسويق لجمع أموال وواجهات مشروعات عقارية ومطاعم وبرامج وصحف تلفزيونات، باعوا كل شىء قبل أن تقع الكارثة، والغريب أن البعض أو الكثيرين اعتبروا أن سقوط هذه الشركات هو نتيجة مؤامرة وليس لأسباب اقتصادية، وساهم وجود وزراء ومحافظين ودعاة كبار مثل الشيخ الشعراوى وفنانين ونجوم فى جذب المزيد من المودعين الذين وضعوا أموالهم فى شركات توظيف الأموال.
كان الدين هو العنصر الحاسم فى ترويج شركات توظيف الأموال، التى وجدت لها ظهيرا فى كل مكان ليس فقط فى التليفزيون والصحف، لكن أيضا فى مجلس الشعب ومجلس الشورى وكل مكان فيه سلطة، كانت شركات توظيف الأموال تشترى أى شخص تجد لديه نجومية ليبيع أوهامها للسذج والحالمين بالثراء السريع، وكانت قمة التفاعل والتجلى للخلط بين الدين والمال والسياسة فى خليط واحد نجح كثيرا فى اللعب برؤوس وعقول ملايين سارعوا بوضع تحويشة أعمارهم فى الشركات رهانا على أنهم يمكن أن يحصلوا على ثروات وأن يتم توليد الأموال بشكل يتجاوز كل عقل ومنطق.
انهارت شركات توظيف الأموال، لكنها كشفت عن حجم التصديق الذى يمكن أن يحدث فى حال تقديم دعاية فى سياقات دينية، ومن هنا ظهر الدعاة الجدد وغيرهم ممن يبيعون الأوهام، وهى عمليات بيع وشراء لا علاقة لها بالدين وإنما بالدنيا، وبالتالى فإن إقدام عمرو على تسويق فراخ أو عطور هو الأمر الطبيعى، فقط يفعله علنا وبشكل مباشر، بينما العادى أنه يفعله بشكل غير مباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة