رحيل حكومة الشاهد تتحول الى أزمة كبرى فى الداخل التونسى، بعد أن تباينت أراء النخبة السياسية حول إقالته أو الابقاء عليه فى ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية، إلا أنه تم إرجاء النظر فى الأمر لمدة 24 ساعة إضافية لحين انعقاد اجتماع الرئيس الباجى قايد السبسى ورؤساء الأحزاب والأمناء العامين للمنظمات الوطنية الموقعين على وثيقة قرطاج المزمع خلال اليومين المقبلين.
ووسط حالة الغموض التى سيطرت على المشهد حتى اجتماع الموقعين على وثيقة قرطاج مع الرئيس، تحدث المراقبون عن ثلاثة سيناريوهات تنتظر حكومة الشاهد، حيث قالت أستاذة القانون الدستوري منى كريم، لوكالة الأنباء التونسية أن السيناريو الأول المحتمل يتمثل في الاستقالة الإرادية لرئيس الحكومة، والذي يتم على إثره تغيير تركيبة الحكومة.
يوسف الشاهد رئيس الحكومة
أما السيناريو الثانى الممكن، فيتمثل فى طرح مسألة تجديد الثقة فى الحكومة على الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب من قبل رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية، وهو الخيار الذى لجأ إليه رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد قبيل إقالته من منصبه بداية صيف 2016، وأضافت أن السيناريو الثالث المفترض، يتمثل في إمضاء عريضة لوم ضد الحكومة، من قبل ثلث أعضاء مجلس نواب الشعب، ثم المصادقة عليها من قبل الأغلبية المطلقة.
وفى حين تصاعدت حالة الجدل حول مصير الحكومة التونسية تحول الأمر إلى خلافا بلغ حد التلاسن بين حركة النهضة الإسلامية – الإخوان – وحزب الرئيس التونسى نداء تونس، ففى حين انضم الحزب المدنى الى صف القوى الوطنية المطالبة بضرورة تغيير حكومى وقفت النهضة وحدها على الضفة الآخرى تدعوا الى الإبقاء على الحكومة تحت ذريعة الاستقرار.
وعقدت كتلة حركة النهضة الإسلامية البرلمانية اجتماعا برئاسة رئيس الحركة راشد الغنوشى للرد على نداء تونس حيث أعلنت الكتلة رفضها إجراء تغيير وزارى يشمل رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وأكدت أن التوقيت غير مناسب لإجراء تغيير وزارى شامل.
حافظ السبسى يطالب باقالة الشاهد
ودعا النائب عن الكتلة البرلمانية للحركة بدر الدين عبد الكافى، للتريث فى ما يتعلق بهذا الملف حسب تصريحه، قائلا " البحث باستمرار على ضخ دماء جديدة فى الحكومة أمر مقبول ومعقول لكن يجب أن لا ننسى أن البلاد فى حاجة إلى الاستقرار وإلى توجيه رسائل إيجابية للهيئات الدولية والمالية التى تتابع الشأن التونسى عن قرب".
وأكد الكافى أن التعديل الوزارى يجب أن يتم بناء على تقييم مدروس للوزارات المعنية ودوافع معنوية، متابعا "لكن التغييرات الجذرية يجب أن تأخذ كل الوقت وتغيير حكومة الشاهد يقتضى مزيد من التروى والبحث عن توافقات واسعة".
ورد حركة النهضة استفز حزب الرئيس التونسى الذى قرر الرد على مزاعم الحركة الإسلامية عن الإستقرار فى تونس، وقال حافظ السبسى المدير التنفيذى لنداء تونس "فليقدم لنا هؤلاء إنجازا وحيدا للحكومة لعلنا نقتنع معهم".
وكتب السبسى على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك" قائلا "يتحدث البعض منتقدا موقفنا المطالب بتعديل حكومي عميق بأن هذه المطالبة من شأنها أن تمس الاستقرار في بلادنا ويضيفون على الأمر جملة أخرى تمنيت لو انهم لم يجاهروا بها وهي : بمثل ما يطالب به الشركاء الدوليون".
وأضاف "أريد أن أقول لهؤلاء التالي: ما هو الاستقرار الذي تطالبون بالمحافظة عليه في تدهور المقدرة الشرائية للشعب التونسي ؟ والانهيار المريع لكل المؤشرات الاقتصادية؟ وانهيار قيمة الدينار ؟ وانهيار احتياطي الدولة من العملة الصعبة بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد ؟ وشبح الإفلاس المهدد للصناديق الاجتماعية دون إعداد ولو شبه خطة للانقاذ ؟".
وأشار السبسى الى أن مفهوم الاستقرار في كل الديمقراطيات يتعلق بالمؤسسات وليس بالأشخاص، وقال "وفي هذا المعنى فإن بلادنا خطت خطوات ثابتة على طريق بناء المؤسسات السياسية المستقرة عبر الانتخابات الحرة والديمقراطية التي أنجزتها وآخرها الانتخابات البلدية، التي أفرزت مجالس بلدية منتخبة ستكون النواة الأساسية لمشروع الحكم المحلي".
وأوضح أن هذه هي عناصر الاستقرار التي يقرها الرأي الموضوعي وكل تجارب السياسة في العالم ، أما رحيل حكومات و مجئ أخرى و خاصة في ظل مراحل الانتقال الديمقراطي وفي تجارب الأنظمة شبه البرلمانية فهي مسألة طبيعية و عادية، حيث لا يمثل الأشخاص وخاصة منهم غير المنتخبين أي دلالة في الاستقرار مقارنة بالمؤسسات والمرجعيات المنتخبة .
يوسف الشاهد
ووجه حديثه للنهضة قائلا " أذكر من يتحدث عن الشركاء الدوليين لتونس أن بلادنا تحترم جيدا شركاءها الدوليين ولكن في إطار سيادتها واستقلالية قرارها، وإذا لأصدقاء تونس حاجة للاطمئنان على الاستقرار في بلادنا - وهذا طبيعي وجيد- فإنه يكون عبر ضمانة المؤسسات المنتخبة وعلى رأسها رئيس الجمهورية وليس الأشخاص المعينين، وهذا ما نظنه روح الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة