قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامى، إن هناك عددًا من القوانين والدروس المستفادة من غزوة أحد فى السنة الثالثة من الهجرة، التى انقلبت نتيجتها لصالح قريش بعد أن كان النصر فى البداية لصالح المسلمين، واصفًا إياها بأنها مليئة بالقوانين الإلهية فى الحياة.
وأضاف خالد، فى تاسع حلقات برنامجه الرمضانى "السيرة حياة"، أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى قبل المعركة رؤيا أن فى يده درعًا حصينة، وأن سيفه كسر، وأن هناك بقرًا يذبح، فأولها بأن الدرع الحصينة هى المدينة، والسيف المكسور هو أحد أهله سيقتل، وأن البقر الذى سيذبح هم أصحابة الذين سيقتلون فى المعركة".
وعلق خالد: "من أن رؤيا الأنبياء حق، لكنه بدأ يشاور الصحابة، فقال الشيوخ الكبار ومن بينهم النبى وأبو بكر: "نبقى فى المدينة"، لكن الشباب يريد أن يخرج، ليتخذ النبى القرار بالخروج بناءً على رغبة الأغلبية، على الرغم من علمه بالنتيجة".
وأضاف: "النبى كان له دوران، الأول: القائد العسكرى الذى يعلم نتيجة الخروج، والثاني: دور المشرّع لفكرة المشورة أنها قانون من قوانين الحياة، فاختار النبى الأخير"، موضحًا أن "النبى تحمل نتيجة "أحد" من أجل أن يحيى قيمة المشورة، وعلى كل إنسان أن يشاور المقربين منه وأصحاب الخبرة".
وأشار إلى أن "عبدالله بن أبى بن سلول تراجع بثلث الجيش (300 مقاتل)، بزعم أن النبى لم يستجب لمشورته، لافتًا إلى أنه فى الوقت الذى كان يسعى فيه أبو سفيان لتطويق المسلمين، كانت خطة النبى أن نواجههم وجهًا لوجه، وجعل 50 من الرماة على جبل الرماة، أمرهم بالبقاء: "احموا ظهورَنا، إن رأيتمونا تخطَّفَنا الطير، فلا تنصرونا، حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هَزمْنا القوم وانتصرنا، فلا تتركوا أماكنكم حتى أرسل إليكم".
وقال خالد: "فرق العدد وإن كان لصالح قريش، لكن الروح المعنوية كانت مرتفعة فى صفوف المسلمين، وهو سرر من أسرار النجاح فى الحياة"، مضيفًا: "كان سيدنا حمزة فاهمًا لهذا القانون، أراد أن يرفع الروح المعنوية للمسلمين، فرأى بخبرته أنه لو سقط لواء الكفار سيهزمون فتحرك فى مجموعة نحو اللواء، حتى إن لواء قريش سقط 7 مرات".
فى الناحية الأخرى، أشار إلى أنه "كلما حاول خالد بن الوليد الالتفاف وراء جبل الرماة، يجد أن الرماة فى مكانهم فيتعطل، بينما عكرمة بن أبى جهل وجد المسلمين ملتصقين فى جبل أحد، ومن أجل أن يطوق ميمنة المسلمين، كان عليه أن يلتف حول الجبل لمسافة 23 كيلو مترًا".
واستطرد خالد: "استطاع النبى أن يفرض خطته على أبى سفيان، وأن يواجه المسلمون الكفار وجهًا لوجه، وانتصر المسلمون، بدأت قريش تهرب وتنسحب وامتلأت أرض المعركة بالغنائم، بدأ من الرماة من يتحدث عن النزول، لكن أحدهم يقول: "أما أنا فلا أتخلف ولا اعصى أمر رسول الله" فيظل على الجبل هو وعشرة من الرماة، وينزل الأربعون الآخرون من أجل الحصول على الغنائم فينكسر جيش المسلمين".
واعتبر أن "ما حصل هو خطأ فى التقدير أدى إلى سقوط 70 شهيدًا، بعد أن استغل خالد بن الوليد الثغرة ونفذ منها، فقلب نتيجة المعركة لصالح قريش. وهذا من قوانين الحياة: من استعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
وقال خالد، إن "ما صعب الوضع أكثر، أنه خرجت شائعة حول مقتل النبى على يد عبدالله بن قمنة، وقتل مصعب بن عمير، هناك من قال: نعود للمدينة بعد أن هبطت الروح المعنوية، لكن لا بد من الاستمرار فى العمل وعدم الالتفات وليكن شعارك قول الله: "وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ".
وتابع: "فى لحظة التراجع هذه، تظهر بطولات رائعة، ومن بينه الدور البطولى لـ "أم عمارة" التى وقفت أمام "بن قمنة" الذى كان يريد أن يقتل النبى وأخذت تحمى ظهره، فظل يضربها على كفتها بالسيف حتى غارت عظام الكتف، سقطت فى مكانها، فأتى ابنها حبيب بن زيد، فقالت له: "دعنى أدرك رسول الله"، قال لها النبى: من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟ لترد عليه: "أطيق وأطيق وأطيق ولكن أسألك شيئًا واحدًا، أسألك مرافقتك فى الجنة يا رسول الله، لست وحدك أنت وأهل بيتك".
وذكر خالد، أن صحابة كثيرين عادوا إلى المدينة، من بينهم أنس بن النضر، الذى نجح فى تصحيح مسار المعركة، ومع ما حصل مع النبى من محاولة قتله، وكسر رباعيته، إلا أنه كان يدعو لهم: "اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون".
وأضاف: "بكى النبى لما استشهد حمزة على يد "وحشي"، الذى أسلم بعد ذلك وقتل مسيلمة الكذاب، وقال: قتلت بها خير خلق الله وقتلت بها شر خلق الله. قانون الحياة: تحرر من عقدك فى الحياة، قيمتك بنجاحك وليس بشكلك ولا جنسك ولا بمالك".
وأوضح أنه "بينما يسود النبى والصحابة الحزن على الشهداء، حيث ارتقى 70 شهيدًا، كان النبى يقول: ابحثوا لى عن عبد الله بن حرام وعمرو بن الجموح.. قالوا: لماذا يا رسول الله؟، قال ادفنوهما سويًا فإنهما كانا متحابين فى الدنيا".
وأشار إلى أنه فى أعقاب غزوة "أحد" نزلت آيات سورة "آل عمران" تعلم المسلمين قوانين الحياة منها: قانون:
"وتلك الأيام نداولها بين الناس"، إذا كانت الحياة ضدك اليوم فستكون معك غدًا.
قانون رفع الروح المعنوية: "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".
قانون لا ترم أخطاءك على غيرك، "أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير"، كل هذا من أجل أن يعلمنا أن أهم قوانين الحياة: هو احترام قوانين الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة