دندراوى الهوارى

إلى الحكومة.. حذارِ من منح الجنسية لسوريين وتكرار خطيئة فلسطين!

الأحد، 27 مايو 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا نحتاج إعادة ما سطره التاريخ فى عصوره المختلفة عن دور مصر حيال أشقائها من الأمتين العربية والإسلامية، ومدى التزامها بتبنى قضاياهم والدفاع عنهم وفتح أحضانها لهم.
 
ومن غير مصر التى دافعت ودحرت هجمات التتار، ومن غير مصر التى قادت حركة تحرير القدس والتصدى للحملات الصليبية، ومن غير مصر التى تصدت لإسرائيل وقهرت جيشها فى 1973، ومن غير مصر التى قادت الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية فى المحافل الدولية المختلفة!
 
كما ظهر دور مصر العظيم منذ نكبة فلسطين، عندما فتحت أحضانها لكل لاجئ فلسطينى، ثم للعراقيين بعد الحرب الأمريكية على بغداد، واكتملت سلسلة النكبات بفعل الخريف العربى، الذى نال من سوريا واليمن وليبيا، واستقر الآلاف من السوريين فى كل محافظات مصر المختلفة، ليقيموا بين المصريين، ويعيشوا حياتهم كمواطنين يحملون نفس جنسية هذا الوطن، ولم تكن هناك يومًا فى مصر خيمة واحدة أقامتها حكومتها للاجئ، وإنما استقبلت الجميع فى منازلها وأزالت كل المعوقات الإدارية ليلتحق أبناؤهم بالمدارس والجامعات، وسمحت لهم بالعمل وإقامة المشروعات المختلفة، بل تعامل اتحاد كرة القدم مع اللاعبين السوريين باعتبارهم لاعبين مصريين وليسوا أجانب.
 
ونفس الأمر انطبق الأمر على العراقيين واليمنيين والليبيين والسودانيين، وكل شقيق عربى يلجأ إليها، لكن وسط هذا الترحاب الشديد لا يفوتنا أن نلفت الأنظار إلى المخاطر التى يمكن أن تقع بحسن نية كانت، أو بدافع من تنظيمات وجماعات وكيانات معادية، تستغل الظرف، فتعبث فى ملف اللاجئين باستثمار ضعاف النفوس منهم، لإثارة القلاقل وتحقيق أهداف شريرة!
 
ولا يفوتنا أن نتخذ العبرة والعظة مما حدث فى الأردن ولبنان على وجه الخصوص، عندما تدفق الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين على البلدين، عقب النكبة، وكان نتيجته كارثة أيلول الأسود بتبعاتها السياسية فى الأردن، وتأسيس مخيمات فى لبنان تحولت إلى ورم خبيث فى العمود الفقرى للأمن القومى اللبنانى مع مرور الوقت!
 
بل كل التحليلات السياسية وشهادات كبار الساسة فى لبنان أرجعت أسباب اندلاع الحرب الأهلية فى لبنان إلى انقسام المجتمع اللبنانى حول زيادة أعداد اللاجئين الفلسطينيين إلى فريقين، الأول، والمحسوب على المسلمين السنة، كان يرى فى الوجود الفلسطينى زيادة ديموجرافية فى عدد السكان السنة فى البلاد، مما يصب فى مصلحتهم، واتخذ هذا الفريق شعارات القومية العربية نهجًا للدفاع عن الوجود الفلسطينى، بينما كان يرى الفريق الثانى، والذى يتزعمه المسيحيون وبعض من الشيعة، أن لبنان دولة صغيرة لا تتحمل تبعات الأعداد الكبيرة من اللاجئين الفلسطينيين أو غيرهم، وفى ظل هذا الانقسام وتصاعد الخلافات اندلعت شرارة الحرب الأهلية التى دمرت الوطن الشقيق!
 
الأشقاء السوريون فى مصر اقتربوا من مليون لاجئ، من بين أكثر من 7 ملايين مقيم من مختلف الجنسيات، جاءوا وأقاموا وعملوا وانتشروا فى طول البلاد وعرضها، وأسسوا مشروعات مهمة فى معظم القطاعات، كما امتلكوا العقارات والوحدات السكنية، ومارسوا حريتهم الكاملة وسط تعاطف وتشجيع المصريين لهم، واعتبروهم نموذجًا للشباب العامل والمجتهد، وطالبوا شباب مصر بضرورة اتخاذ السوريين المثل والقدوة فى كيفية قهر المستحيل وتحقيق النجاح من خلال الإخلاص فى العمل وعدم الانتظار لوظائف حكومية.
 
وخلال فترة وجيزة استطاع السوريون بجهدهم وعملهم الجاد من تحقيق ثروات كبيرة، وبدأوا فى توسيع رقعة نشاطهم، واقتحام مجالات جديدة، وكلها مؤشرات استثمارية جيدة، وعلى غرار القول المأثور «الحلو ما يكملش»، فإن هناك مخاطر بدأت تلوح فى الأفق، أبرزها أن بعض السوريين الذين قدموا لمصر فى عهد سيطرة الإخوان على الحكم ينتمون للجماعة الإرهابية، وظهر ذلك فى مشاركتهم فى اعتصام رابعة العدوية، عقب ثورة 30 يونيو 2013!
 
الأمر الثانى، برزت مخاوف حصول السوريين على الجنسية المصرية، سواء من خلال الزواج من مصريات، أو حتى بالطرق القانونية المنظمة لمنح الجنسية، وما يستتبع ذلك من زيادة مفرطة فى عدد السكان، لكن الأخطر أنه فى حالة حصولهم على الجنسية المصرية، سيقيمون فى مصر إقامة كاملة، ويرفضون العودة لبلادهم، وتصبح نكبة شبيهة بنكبة فلسطين، عندما نزح أهلها إلى دول مجاورة، وحصلوا على الجنسيات المختلفة، ورفضوا العودة.
 
الشواهد على ذلك أن الحكومة السورية سنت تشريعًا مؤخرًا «قانون 10»، يقضى بأنه على السوريين التقدم إلى الجهات المختصة فى سوريا لإثبات وجودهم وتقديم ما يفيد بأن لهم ممتلكات عقارية، وأنه فى حالة مرور عام على عدم التقدم لا يحق لأى سورى أن يطالب بمنزل له تهدم كان أو لم ينل منه الخراب!
 
وللأسف فإن معظم السوريين الفارين من بلادهم، وينتشرون فى عدد من الدول، ومن بينها مصر، رفضوا التوجه لبلادهم، لتقديم المستندات الدالة على امتلاكهم منازل ووحدات عقارية، خاصة فى القرى والمدن المحررة، التى تقبع الآن تحت سيطرة الجيش السورى.
 
نعم معظم الأراضى السورية تم تحريرها، ومع ذلك السوريون يرفضون العودة إلى بلادهم، وهو مؤشر خطير على تكرار النكبة الفلسطينية، لذلك مطلوب الحذر الشديد فى التعامل مع هذا الملف، ودراسة جميع الجوانب بما يتواءم مع أمننا القومى بمفهومه الشامل!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة