بعد أن نجحت فى التخلى عن الصفوف الأمامية لتشارك فى الحكم من وراء الستار، تحولت حركة النهضة التونسية "إخوان تونس" نموذجا تحتذى به حركة مجتمع السلم "حركة حمس" الذراع السياسى للتنظيم بالجزائر، التى بدأت تخطط الى تطبيق النموذج التونسى الذى شهد توافقا بين الإخوان والمدنيين قام بناء عليه أساس الحكم خلال السنوات الماضية.
"إخوان الجزائر" بدأو يلوحون إلى إمكانية تطبيق نموذج "راشد الغنوشى – والباجى قايد السبسى" فى الجزائر، فى وقت تستعد فيه البلاد لمرحلة انتقالية حاسمه حيث اقتراب ولاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من نهايتها واستعداد البلاد لانتخابات رئاسية تعددية العام المقبل، وسط جدل كبير حول من سيخلف بوتفليقة، وشكل الخريطة السياسية فى السنوات المقبلة خاصة فى ظل تراجع حزب الرئيس فى الانتخابات التشريعية التى جرت العام الماضى.
نجاح إخوان تونس فى امتصاص موجة الغضب التى اجتاحت المنطقة العربية تجاه "الجماعة" خلال السنوات الماضية، وتخليها عن الحكم طواعية والعمل على إعادة ترتيب صفوفها حتى فاجأت الجميع بتحقيق أغلبية فى انتخابات البلدية التى جرت بداية الشهر الجارى، جعلها تجربة ملهمة لبعض أحزاب الإسلام السياسى فى المنطقة التى لازال لديها أمل فى الصعود لكراسى الحكم بالدول العربية.
تجربة النهضة شجعت إخوان الجزائر للتخطيط مبكرا لإعادة هيكلة موضعها على الخارطة السياسية قبل عام من انتخابات الرئاسة المقبلة، حيث تعتزم الحركة طرح مشروع "للتوافق الوطنى" على الأحزاب السياسية لترتيب المرحلة المقبلة، عبر سلسلة اتصالات مع الفاعلين السياسيين والذهاب إلى الاستحقاق الرئاسي المنتظر بعد أقل من عام، بمرشح تتفق عليه أحزاب السلطة والمعارضة معا.
حركة حمس تبحث عن بديل بوتفليقة
وقال رئيس الحركة عبد الرزاق مقرى أن حزبه بدأ فى إجراء الاتصالات مع عدة جهات بخصوص المبادرة، لافتا إلى أنها تقوم على أساس الدعوة إلى توافق وطنى بين كل التشكيلات السياسية والسلطة، معتبرا أنه فى ظرف كالذى تعيشه الجزائر من أزمة داخلية وجو إقليمى ودولى مضطرب فلا يوجد حل آخر لحماية البلاد سوى الذهاب إلى توافق وطنى والتوجه نحو المستقبل معا و"عفا الله عما سلف".
وأكد على أن حزبه حاليا يسعى لتحقيق هذا التوافق، وبدأ فى إجراء الاتصالات مع العديد من الأطراف–فى مقدمتها حزب الرئيس بوتفليقة جبهة التحرير الوطنى وشريكه فى الحكم حزب التجمع الوطنى الديمقراطى-، وقال أن الحزب دوره تقديم أفكار وليس لعب دور وسيط، مشيرا إلى أن الحركة ستدخل فى جولة اتصالات أخرى قريبا.
قيادات إخوان تونس والجزائر فى
وقالت صحيفة البلاد الجزائرية أن لقاءا مرتقبا عقب انتهاء شهر رمضان يضم مقرى والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطنى جمال ولد عباس والأمين العام للتجمع الوطنى الديمقراطى أحمد أويحيى للدفع بمرشح توافقى للرئاسة فى ظل تدهور الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة، حيث قال مقرى " نحن مستعدون للتواصل مع كل الطبقة السياسية"، تلك التصريحات التى اعتبرها المراقبون تمهيد لعودة الحكومة للمؤسسات الرسمية من خلال صفقة توافق مع الحزب الحاكم.
وأكد مراقبون أن حركة حمس رأت فى الوضع الراهن فى الجزائر فرصة مواتية ليكون لها صوتا فى القرار السياسى، حيث أن إمكانية ترشح بوتفليقة لولاية خامسة شبه مستحيل فى ظل ظروفه الصحية المتدهورة، وبالتالى فمن الممكن أن تدفع الإخوان بمرشح توافقى يضمن لها تواجد قوى وتمثيل وزارى وازن فى خطة صعود هادئ للحكم تيمنا بما حققه فرع الإخوان فى الجارة تونس من نجاحات.
وكان إعلان مقرى منذ أيام بأن حركة حمس ستكون معنية بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى 2019 مفاجأة للأوساط السياسية فى الجزائر، حيث قال"نحن معنيون بانتخابات 2019 بأى شكل من الأشكال ومجلس شورى الحركة سيحدد كيفية المشاركة فى الرئاسيات المقبلة".
عبد الرزاق مقرى
ودافع رئيس "حمس"، فى تصريحات نقلتها صحيفة الشروق الجزائرية عن خيارات الحركة فى التعاطى مع دعوات السلطة للمشاركة فى الحكومة، وقال إن خيار المشاركة والمعارضة تحكمه قوانين الحركة ونصوصها التنظيمية، وقال "لسنا طالبى كراسى"، ملمحا إلى أن حضور الحركة فى الحكومة يجب أن يكون قويا معبرا عن ذلك بقوله: "ماذا نفعل بوزير أو وزيرين؟".
وفى ظل غموض المشهد حول إمكانية ترشح بوتفليقة لولاية خامسة من عدمه، واستغلال الإخوان للأوضاع فى بعث رسالة ترهيب واضحة عبر حديث رئيس "حمس" عن ضرورة التوافق والمخاطر الإقليمية التى تحدق بالبلاد، يبدو أن الجزائر مقبلة على مرحلة سياسية صعبة قد تشهد صعودا جديدا للإخوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة