خطف "القانون 10" الذى أصدره الرئيس السورى بشار الأسد، حول أملاك اللاجئين الأضواء فى الساحة السياسية اللبنانية من مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، هذا القانون السورى الذى أصبح مثار جدل لبنانى بامتياز، حيث يتخوف الساسة اللبنانيين من أن يكون حجر عثرة أمام عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم فى حال فقدوا أملاكهم، كما تبع هذا الجدل حوارات جانبية حول ضرورة فتح قنوات تواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية لتسوية هذا الملف.
"القانون 10" يشير إلى اعتزام الحكومة السورية إعادة بناء مناطق فى البلاد التى تم تحريرها من الجماعات الإرهابية، ويسمح القانون للاجئين بتقديم ما يثبت ملكية العقارات فى المناطق المختارة لإعادة البناء وللمطالبة بتعويضات، ويمهل القانون السوريين اللاجئين 30 يوما للتوجه إلى بلادهم وتسجيل ممتلكاتهم لدى وزارة الإدارة المحلية.
سعد الحريرى رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، اعتبر فى هذا القانون محاولة توطين للاجئين الذين فقدوا أوراق ملكية عقاراتهم فى سوريا، وقال إن الهدف من القانون "رقم 10" السورى منع النازحين السوريين من العودة، ويقول لهم "ابقوا فى لبنان"، مضيفا "أننا نرى المنطقة تغلى وجميعنا سمعنا عن بدعة القانون رقم 10 الذى صدر فى سوريا، وهذا القانون لا وظيفة له إلا منع النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم"، مشددا على أن بلاده لديها مسئولية تجاه النازحين، غير أن المسئولية تجاه لبنان تفرض حمايتها من الهزات الخارجية.
وفى خطوة تعد فتح قنوات تواصل بين لبنان وسوريا وجه وزير الخارجية والمغتربين اللبنانيين فى حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، رسالة إلى نظيره السورى وليد المعلم أعرب فيها عن قلق لبنان من التداعيات السلبية المحتملة عليه للقانون رقم 10 والرامى إلى وضع مخطط تنظيمى عام فى المناطق التى تهدمت بفعل الحرب السورية، وإذ أكد باسيل أهمية هذا القانون فى تشجيع الكثير من النازحين السوريين على العودة إلى مناطقهم، إلا أنه شدد على خشية لبنان من أن تعيق شروط تطبيق هذا القانون عودة عدد قليل من هؤلاء النازحين إلى مناطقهم.
ورأى باسيل أن "إجراءات الإعلان والنشر المتعلقة بالمراسيم التطبيقية للقانون رقم 10 ومهلة الثلاثين يوما التى تليها والمعطاة لمالكى العقارات للإدلاء بما يثبت ملكيتهم، غير كافية لإعلام أصحاب العلاقة من النازحين خلال الوقت المناسب"، محذرا بالتالى من أن "عدم قدرة النازحين عمليا على الإدلاء بما يثبت ملكيتهم خلال المهلة المعطاة قد يتسبب بخسارتهم لملكياتهم وشعورهم بفقدان الهوية الوطنية ما يؤدى إلى حرمانهم من أحد الحوافز الرئيسة لعودتهم إلى سوريا".
وأعرب باسيل عن أمله فى أن يلقى هذا الملف الاهتمام اللازم من قبل الحكومة السورية انطلاقا من حرص البلدين المشترك على عودة النازحين إلى ديارهم فى أقرب وقت، جدد التأكيد على تمسك لبنان بحقه المكرس دستوريا بمنع التوطين وعلى موقفه المبدئى من أن الحل المستدام الوحيد لأزمة النزوح السورى إلى أراضيه هو فى عودة النازحين الآمنة والكريمة إلى المناطق الممكنة داخل سوريا مع احترام عدم الإعادة القسرية وعدم ربط العودة بأى أمر آخر، مثل الحل السياسى.
رسالة باسيل إلى وليد المعلم، فتحت الباب على مصراعيه أمام الجدل حول تطبيع العلاقات بين الحكومة اللبنانية المقبلة والحكومة السورية بعد انقطاع دام سنوات منذ اندلاع الحرب، فى وقت يوجد فيه أطراف داخلية ممثلة فى حزب الله وحلفاؤه تضغط على الحريرى لفتح قنوات اتصال مع الأسد، فى حين يلتزم رئيس الحكومة بمبدأ النأى بالنفس.
يبدو أن هناك محاولة لإحراج الحريرى وفرض ملف فتح قنوات اتصال مع الأسد على جدول أعمال حكومته الجديدة، خاصة أن باسيل أعلن صراحة قبل أيام أن التواصل مع الدولة السورية قائم على مختلف الأصعدة وسيستمر، ولا داعى للكذب على الناس.
الضغط على الحكومة اللبنانية من باب ملف اللاجئين سيثير خلافا مستقبلا، ولكن كيفية التعاطى معه سيحدده شكل الحكومة التى سيستقر عليها الحريرى وتركيبتها سيكون العامل الأول للتعامل مع هذا الملف، خاصة أن حزب الله حليف بشار الأسد استطاع تحصين أغلبية برلمانية له بما يمكنه من فرض كلمته على الحكومة المقبلة من خلال السيطرة على حقائب وزارية وازنه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة