تزايد إعلانات بالفضائيات عن مؤسسات تطلب تبرعات فى رمضان أصبح ظاهرة، تشير إلى ملف يزدحم بتفاصيل تحتاج إلى آلية جديدة يمكن من خلالها ضبط عمليات تلقى الأموال وإنفاقها.
هناك مؤسسات معلومة ولها أنشطة واضحة، نجحت فى كسب الثقة مثل «مؤسسة الدكتور مجدى يعقوب لأمراض وأبحاث القلب» أو معهد الأورام، ومستشفى سرطان الأطفال، ومؤسسات تحتاج إلى أموال وتقدم خدمات مهمة، لكنها تعجز عن تدبير موازنات للإعلان والدعاية، وضربنا أمثلة بمستشفيات مثل أبوالريش وقصر العينى والدمرداش ومستشفيات عامة ومركزية لا تملك خططا ولا أموالا لإنفاقها على الدعاية.
فى المقابل هناك جهات تبالغ فى الدعاية بشكل يثير الشكوك والقلق، خاصة أن هذه المؤسسات ليس لبعضها نشاط يساوى الدعاية.
وبالرغم من أهمية الدعاية كطريق لإعلام الناس فإن تزاحم الجهات التى تطلب تبرعات يثير الكثير من الأسئلة عن أنشطة بعض المؤسسات المشهورة التى ليس لها أنشطة تساوى ما تتلقاه من تبرعات، أيضا هناك حاجة لوضع آلية للمحاسبة، فى ظل احتمالات وجود مبالغة فى الإنفاق على الإدارة أكبر، مما ينفق على الأنشطة الأساسية.
خلال السنوات الماضية كانت هناك معلومات عن توظيف سياسى لبعض المؤسسات الأهلية والدينية التى استمرت سنوات، وكانت أدوات واضحة لدعم تنظيمات وجماعات متطرفة، بل إن ملفات التبرعات خلال العقود الماضية تكشف عن عمليات نزح وتلاعب كبيرة تمت خلف ستار العمل الخيرى، ولا يمكن التعميم لكنها كانت بالفعل أموالا موجهة وبعضها كان يحول للخارج، بينما يحرم منه فقراء كانوا بحاجة إليه.
يضاف إلى ذلك أن حجم الأموال التى تم جمعها لا يتناسب مع الخدمات التى قدمت للفقراء أو المحاجين، أو أنها لا يتم توظيفها جيدا ويتسرب منها الكثير داخل دهاليز المؤسسات نفسها.
لا أحد يمكنه التشكيك فى أى مؤسسة من دون دليل، لكن تزاحم المؤسسات التى تطلب التبرع وتنفق على الدعاية كثيرا يفترض أن توضع تحت مجهر الجهات الرقابية، لضمان وصول التبرعات لمصارفها ومستحقيها وعدم المبالغة فى الإنفاق على إدارة الأموال والدعاية أكثر مما تنفق على الأنشطة الخيرية، خاصة أن هناك حالة من التشويش والتداخل تثير قلق المواطنين وربما تدفعهم إلى التوقف عن التبرع، مما قد يحرم المؤسسات والمراكز الطبية المهمة من المال لصالح المحترفين.
كل هذه المعطيات والأسئلة تدفع إلى البحث عن صيغ جديدة يمكن من خلالها توجيه أموال التبرعات إلى الجهات التى تستحق مع الحفاظ على احترام فكرة العمل الأهلى والتبرع بعيدا عن الابتذال الذى يعكسه التزاحم غير المنطقى للمؤسسات التى تعلن عن دعوات للتبرع.
وطبيعى أن يكون هناك قلق مشروع لدى الناس من زحام الإعلانات وتعدد الجهات التى تطلب متبرعين، وتملك من يفكرون فى التبرع رغبة لأن يطمئنوا إلى وصول التبرعات لمستحقيها، وليس لجهات كل ما تفعله أنها تجيد الدعاية البروباجندا.
هناك حاجة فعلية للبحث عن صيغ أهلية تعيد الثقة للجمهور وتنهى الصورة الاستجدائية التى وصلت إلى حدود تحتاج إلى مراجعة ومتابعة بشكل يعيد الثقة التى اهتزت فى بعض المؤسسات لأسباب مختلفة، أهمها المبالغة فى الإنفاق على الدعاية، مع عدم وجود ضمانات لوصول التبرعات لمستحقيها، هناك نبلاء فى عالم العمل الأهلى، وهناك مدعون يبحثون عن مصالحهم، وليس مصالح من يعلنون باسمهم.