الموصل تستعيد تقاليد رمضان بعد دحر تنظيم داعش

الثلاثاء، 29 مايو 2018 11:21 ص
الموصل تستعيد تقاليد رمضان بعد دحر تنظيم داعش الموصل - أرشيفية
(أ ف ب)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 "سحور، سحور، سحور". يصرخ ريان الخالدى وعلى المحبوب بأعلى صوتيهما لإيقاظ سكان مدينة الموصل لتناول وجبة السحور فى شهر رمضان، على وقع ضربات طبل ودف كانت محرمة فى زمن تنظيم داعش قبل نحو عام.

يدور ريان وعلى وهما يلبسان جلابيتين تقليديتين ويلفان على خصريهما كوفية حمراء، فى شوارع حى البكر بالجانب الشرقى للموصل، كبرى مدن محافظة نينوى فى شمال العراق، ويضربان الطبل أمام منازل لا تزال تحمل آثار الرصاص الشاهد على معارك دامية دارت فى المدينة.

قبل استعادة القوات الأمنية للمدينة من تنظيم داعش الذى اجتاح العراق فى العام 2014 وسيطر على ما يقارب ثلث مساحته، كانت هذه التقاليد الرمضانية "بدعة" فى شريعة الجهاديين.

يقول الخالدي، الذى يعمل وزميله فى أحد المطاعم بالأيام العادية، لوكالة فرانس برس إن "مهنة المسحراتى جزء من تراث المدينة الدينى والاجتماعى".

ويضيف "داعش اعتبرها بدعة ومنع ممارستها، لكننا اليوم نعود بها من جديد ونحييها".

ضيق التنظيم الجهادى الحياة على سكان الموصل منذ سيطرته على المدينة، وزاد من تشدده خلال شهرى رمضان فى العامين 2015 و2016 قبيل بدء عمليات استعادة المدينة.

يشير الأهالى إلى أن تنظيم داعش، إضافة إلى تحريم مهنة المسحراتى، منع عادات وتقاليد كثيرة فى شهر رمضان، منها رفع الآذان للإشارة إلى الامتناع عن المأكل والمشرب قبل بزوغ الفجر.

وفرض الجهاديون حينها إجراءات تحد من حركة المواطنين وتمنعهم من ممارسة طقوس هذا الشهر، ما أضطر العديد من أصحاب المحلات والمطاعم إلى إغلاقها، وتوقف الاحتفالات الدينية وجلسات المديح النبوى.

يقول ناهض عبدالله (32 عاما) الذى يعمل سائق سيارة أجرة "كنت اضطر للذهاب إلى صلاة التروايح بعد الإفطار خوفا من داعش، الغالبية كانت تفضل عدم الذهاب حتى لا نسمع خطب وتهديدات التنظيم".

ويضيف "داعش منع خلال شهر رمضان خروج النساء من المنزل وارتياد الأسواق إلا لحاجة ضرورية وبصحبة محرم وعلى أن ترتدى الحجاب والخمار وقفازى اليدين بشكل كامل".

تؤكد ربة المنزل أم رغد (29 عاما) أيضا ان الناس "كانوا يخافون من "عقوبات وتشديد داعش الذى يتحجج على الناس ويعتقلهم لأبسط الأسباب. كان لا يسمح باختلاط العوائل".

وبعد نحو عشرة أشهر من انتهاء المعارك وإعلان القوات العراقية استعادة السيطرة على "عاصمة الخلافة" لتنظيم داعش، لا تزال آثار الدمار شاخصة، خصوصا فى الجزء الغربى من المدينة حيث تفوح رائحة جثث متحللة من تحت الأنقاض إلى جانب عبوات لم يتم تفكيكها بعد.

يشير حسن عبد الكريم حسن (26 عاما) الذى يعيش فى بقايا بيت ملئ بثقوب قذائف الهاون التى أودت بشقيقته ذو الأعوام العشرين "داعش هدم العديد من الجوامع فى المنطقة. كنا نفطر على صوت آذان بعيد".

ويضيف هذا الشاب العاطل عن العمل "فى غالب الأحيان، نصوم بلا سحور. فلا كهرباء أو هواتف أو ساعات نضبط بها وقت السحور والفطور".

خسرت عائلات كثيرة منازلها ومصادر رزقها بفعل المعارك والضربات الجوية.

من بين هؤلاء أبو سلمان (45 عاما) الذى عاد إلى مدينته بعد ثلاث سنوات من النزوح، ليجد جنى حياته مدمرا، يستذكر الرجل الذى يعمل بائعا للخبز أوقات الصيام فى السنوات السابقة منتظرا موعد الإفطار فى بيته مع العائلة.

لكنه يتابع "اليوم فقدت بيتى. وشهر رمضان كان يعنى لى الكثير، وكان دخلى يزداد مع دخول هذا الشهر، لكن فقدان متجرى مصدر رزقى الوحيد جعلنا نعيش على صدقات الخيرين"، ولهذا، تنشط منظمات إنسانية وخيرية لتوزيع المساعدات على الأهالى مع حلول شهر رمضان.

لكن الأكثر شيوعا، تنظيم خيرين لموائد إفطار جماعية فى المنطقة القديمة المنكوبة، وهو تقليد كان سائدا فى المدينة منذ سنوات، وتوقف مع دخول الجهاديين وتدهور الوضع الأمنى.

فى حى باب لكش فى المدينة القديمة، تمتد طاولة على أمتار عدة عليها صحون الطعام وكاسات العصائر، قرب رجال يحضرون الأرز والدجاج، قبيل موعد الإفطار.

تجلس أم محمود (46 عاما) إلى الطاولة محتضنة أحد أطفالها قائلة "نحن سعداء جدا، نتمنى أن تتكرر هذه المبادرات الطيبة التى تعكس التكافل الاجتماعى الذى عرف به الموصليون أيام الشدائد والنكبات".

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة