الجيش العربى السورى باعتراف وسائل الإعلام الأمريكية قريبة الصلة من دوائر صنع القرار، فى أفضل وضع له على الأرض منذ 2011، عندما اندلعت الحرب الأهلية بفعل فاعل، وتدفقت قوات المرتزقة ومجموعات المتطرفين المسلحة من تركيا والعراق والأردن ومن البحر المتوسط لتدير الحرب القذرة وتمزق سوريا العربية إلى مناطق ومساحات نفوذ، مدعومة فى ذلك بغطاء جوى أمريكى وأوروبى وبدعم مالى مهول من قطر الصهيونية وأسلحة غربية متقدمة.
ورغم توقعات المحللين الغربيين بسقوط سوريا خلال أشهر قليلة ومحوها من الخريطة، وإحلال عدة دويلات طائفية وإثنية محلها، مع زوال الوجود الروسى وتمرير مشروع الغاز القطرى الأمريكى عبر سوريا وتركيا إلى أوروبا، إلا أن العمليات العسكرية على الأرض اتخذت طرقًا ومناحى متشعبة، خاصة بعد انكشاف أمر المجموعات المتطرفة والمرتزقة الدوليين وشركات الأمن التى تديرها تركيا وقطر بالأمر المباشر من واشنطن، تحت مسمى الربيع العربى أو الثورة الشعبية، وبعد انتصارات متوالية للمجموعات والجماعات المتطرفة والميليشيات المسلحة المدعومة غربيًا استطاع الجيش العربى السورى بمساعدة حلفائه فى روسيا وإيران استعادة مناطق واسعة من قبضة الإرهابيين حول العاصمة دمشق.
الانتصارات المتوالية التى حققتها الدولة السورية على الإرهابيين والميليشيات المدعومة غربيًا، وكذا شركات الأمن المكلفة بتسخين الأجواء، دفع واشنطن إلى التنسيق مع تركيا أردوغان ليدخل إلى شمال غرب البلاد، ويحتل منطقة عفرين ويقترب من منبج ، كما دخلت قوات أمريكية إلى الجنوب الغربى فى محافظتى درعا والقنيطرة لتحافظ على السيطرة الهشة للأكراد الموالين لها، وحتى يبقى أمر تقسيم سوريا واقعًا لا يمكن زحزحته إلا بالاصطدام بالقوات التركية والأمريكية على الأرض.
وبالفعل تحرك الجيش السورى خلال الساعات الماضية، وألقى منشورات تحذيرية للمسلحين فى المناطق الجنوبية بمحافظتى درعا والقنيطرة بضرورة تسليم أنفسهم، وإلقاء أسلحتهم، كما دعا الأهالى إلى التعاون مع قواته المسلحة لفرض سيطرة الدولة على كامل أراضيها، وهو حق أصيل لكل دولة، فما كان من الولايات المتحدة إلا أن هددت دمشق باتخاذ إجراءات صارمة حال تدخله فى الأراضى السورية الجنوبية، وهو ما لا يمكن تفسيره فى ضوء القانون الدولى وكل المواثيق والأعراف الدولية وبحكم عضوية سوريا بالأمم المتحدة، إلا أنه نوع صفيق من البلطجة والعدوان تمارسهما واشنطن بحق دولة ذات سيادة دون رادع.
واشنطن التى أثارت فى وسائل إعلامها قضية استخدام الجيش السورى للأسلحة الكيماوية، واستبقت التحقيقات الدولية التى دعا إليها النظام السورى وأصدرت حكمها بالإدانة من جانب واحد ثم نفذت مجموعة هجمات صاروخية فاشلة على أهداف عسكرية ومدنية سورية تعود إلى ممارسة تهديداتها للدولة السورية، حتى تؤجل إعلان هزيمتها النكراء هناك وحتى لا يتم دفن مشروعها الاستعمارى المقيت لتفتيت الدول العربية شرق وجنوب المتوسط، وحتى تظل دمشق منكفئة على حروبها الأهلية لتتمكن تل أبيب من قضم الجولان المحتل.
لا أعتقد أن الجيش العربى السورى سيعبأ بتهديدات واشنطن، وسيسعى إلى تحرير كامل التراب السورى المدنس بالوجود الأمريكى والتركى تدريجيًا ووفق سياسة الخطوة خطوة، وسيبدأ من القنيطرة ودرعا ليصل محيط دمشق بالمناطق الجنوبية حتى يفرض سيطرته تمامًا على الحدود المستباحة من الجهات الأربع، أما البلطجة الأمريكية والوقاحة الأمريكية فلن يقابلها إلا صمود الشعب السورى وإصراره على تطهير أراضيه من المعتدين والخونة والدخلاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة