سحر الحكايات فى رمضان.. التاجر أيوب وابنه غانم وابنته فتنة "3"

الأربعاء، 30 مايو 2018 06:00 م
سحر الحكايات فى رمضان.. التاجر أيوب وابنه غانم وابنته فتنة "3" ألف ليلة وليلة
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نستكمل اليوم حكاية شهرزاد عن التاجر أيوب وابنه غانم وابنته فتنة، من ليالى ألف ليلة وليلة، والتى نقتطف حكاياتها فى سلسلة سحر الحكايات فى رمضان.

قالت: بلغنى أيها الملك السعيد أنهم لما وصلوا إلى الوالى وأخبروه قام الوالى وركب وأخذ معه الفعلة بالمساحى والقفف ومشوا تابعين أثرى ومعهم كثير من الناس وأنا أبكى وأصيح وأحثو التراب على رأسى وألطم على وجهى فلما دخلت عليهم ورآنى سيدى بهت واصفر لونه وقال: ما لك يا كافور وما هذا الحال وما الخبر؟ فقلت له: إنك لما أرسلتنى إلى البيت لأجيء لك بالذى طلبته رحت إلى البيت ودخلته فرأيت الحائط التى فى القاعة وقعت فانهدمت القاعة كلها على سيدتى وأولادها فقال لى: وهل سيدتك لم تسلم؟ فقال: لا ما سلم منهم أحد وأول من مات منهم سيدتى الكبيرة فقال: وهل سلمت بنتى الصغيرة؟ فقلت: لا فقال لى: وما حال البغلة التى أركبها هل هى سالمة؟ فقلت له: لا يا سيدى فإن حيطان البيت وحيطان الاصطبل انطبقت على جميع ما فى البيت حتى على الغنم والإوز والدجاج وصاروا كلهم كوم لحم وصاروا تحت الردم ولم يبق منهم أحد فقال لى: ولا سيدك الكبير؟ فقلت له: لا فلم يسلم منهم أحد، وفى هذه الساعة لم يبق دار ولا سكان ولم يبق من ذلك كله أثر وأما الغنم والإوز والدجاج فإن الجميع أكلها القطط والكلاب.

فلما سمع سيدى كلامى صار الضياء فى وجهه ظلاماً ولم يقدر أن يتمالك نفسه ولا عقله ولم يقدر أن يقف على قدميه بل جاءه الكساح وانكسر ظهره ومزق أثوابه ونتف لحيته ولطم على وجهه ورمى عمامته من فوق رأسه وما زال يلطم وجهه حتى سال منه الدم وصار يصيح: آه.. وا أولاداه آه وا زوجتاه.. آه وا مصيبتاه من جرى له مثل ما جرى لى فصاح التجار رفقاؤه لصياحه وبكوا معه ورثوا لحاله وشقوا أثوابهم وخرج سيدى من ذلك البستان وهو يلطم من شدة ما جرى له وأكثر اللطم على وجهه وصار كأنه سكران.

فبينما الجماعة خارجون من باب البستان وإذا هم نظروا غبرة عظيمة وصياحات بأصوات مزعجة فنظروا إلى تلك الجهة فرأوا الجماعة المقبلين وهم الوالى وجماعته والخلق والعالم الذين يتفرجون وأهل التاجر وراءهم يصرخون ويصيحون وهم فى بكاء وحزن زائد فأول من لاقى سيدى زوجته وأولادها فلما رآهم بهت وضحك وقال لهم: ما حالكم أنتم؟ وما حصل فى الدار وما جرى لكم؟ فلما رأوه قالوا: الحمد لله على سلامتك أنت ورموا أنفسهم عليه وتعلقت أولاده به وصاحوا: وأبتاه الحمد لله على سلامتك يا أبانا وقالت له زوجته: الحمد لله الذى أرانا وجهك بسلامة وقد اندهشت وطار عقلها لما رأته وقالت له: كيف كانت سلامتك أنت وأصحابك؟.

فقال لها: وكيف كان حالكم فى الدار؟ فقالوا: نحن طيبون بخير وعافية وما أصاب دارنا شيء من الشر غير أن عبد كافوراً جاء إلينا مكشوف الرأس ممزق الأثواب وهو يصيح: واسيداه واسيداه فقلنا له ما الخبر يا كافور؟ فقال: إن سيدى جلس تحت حائط فى البستان ليقضى حاجة فوقعت عليه فمات فقال لهم سيده:والله إنه أتانى فى هذه الساعة وهو يصيح: واسيدتاه وقال أن سيدتى وأولادها ماتوا جميعاً، ثم نظر إلى جانبه فرآنى وعمامتى ساقطة فى رأسى وأنا أصيح وأبكى بكاء شديداً وأحثو التراب على رأسى فصرخ على فأقبلت عليه فقال لى: ويلك ما هذه الوقائع التى عملتها ولكن والله لأسلخن جلدك عن لحمك وأقطعن لحمك عن عظمك.

فقلت: والله ما تقدر أن تعمل معى شيئاً لأنك قد اشتريتنى على عيبى وأنت عالم به وهو أنى أكذب فى كل سنة كذبة واحدة وهذه نصف كذبة فإذا كملت السنة كذبت نصفها الآخر فتبقى كذبة واحدة. فصاح على: يا ألعن العبيد هل هذا كله نصف كذبة وإنما هو داهية كبيرة، اذهب عنى فأنت حر فقلت: والله إن أعتقتنى أنت ما أعتقك أنا حتى تكمل السنة وأكذب نصف الكذبة الباقى وبعد أن أتمها فانزل بى السوق وبعنى بما اشتريتنى به على عيبى ولا تعتقنى فإننى ما لى صنعة أقتات منها وهذه المسألة التى ذكرتها لك شرعية ذكرها الفقهاء فى باب العتق.

فبينما نحن فى الكلام وإذا بالخلايق والناس وأهل الحارة نساء ورجالاً قد جاؤوا يعملون العزاء وجاء الوالى وجماعته فراح سيدى والتجار إلى الوالى وأعلموه بالقضية وإن هذه نصف كذبة، فلما سمع الحاضرون ذلك منه استعظموا تلك الكذبة وتعجبوا غاية العجب فلعنونى وشتمونى فبقيت واقفاً أضحك وأقول: كيف يقتلنى سيدى وقد اشترانى على هذا العيب؟.

فلما مضى سيدى إلى البيت وجده خراباً وأنا الذى أخربت معظمه وكسرت فيه شيئاً يساوى كثيراً من المال. فقالت له زوجته: إن كافور هو الذى كسر الأوانى الصينى فازداد غيظه وقال: والله ما رأيت عمرى مثل هذا العبد ولأنه يقول نصف كذبة فكيف لو كانت كذبة كاملة فحينئذ كان أخرب مدينة أو مدينتن ثم ذهب من شدة غيظه إلى الوالى فضربنى علقة شديدة حتى غبت عن الدنيا وغشى على فأتانى بالمزين فى حال غشيتى فخصانى وكوانى، فلما أفقت وجدت نفسى خصياً وقال لى سيدى: مثل ما أحرقت قلبى على أعز الشيء عندى أحرقت قلبك على أعز الشيء عندك، ثم أخذنى فباعنى بأغلى ثمن لأنى صرت طواشياً وما زلت ألقى الفتن فى الأماكن التى أباع فيها. وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة