قال الدكتور محمد عبد الفضيل، مدير مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى، إن الأزهر الشريف هو المؤسسة السنِّية الأكبر والأقدم في العالم الإسلامي، حيث يتعلم في مدارسه وجامعته نحو مليون طالب مصري، و40 ألف أجنبيٍّ، وإنَّه أنشأ المرصد عام 2015؛ إيمانًا منه بأن الفكر المتطرف لا يمكن مواجهته إلا بعد قراءةٍ عميقةٍ ودراسةٍ موضوعيةٍ لسرديات الجماعات الإرهابية المختلفة، لاسيما التباين الشديد في أفكارها والاختلافات الكثيرة في مرجعيَّاتهم التراثيَّة.
وأضاف الدكتور عبد الفضيل في كلمة ألقاها، أمس الثلاثاء، أمام لجنة مكافحة التطرف في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، أنَّ التعاون وتبادل الخبرات بين المؤسَّسات المختلفة في مجال مواجهة الإرهاب هدفٌ لم يعد خيارًا نفعله أو نتركه، بل واجبٌ حتميٌّ تأخَّر كثيرًا، مؤكدًا أنَّ غياب التكامل وعدم تنسيق الجهود يمثِّل أحد أهم الأسباب التي أدَّت إلى الفشل الذي نعاني منه في مكافحة الإرهاب الذي أسال دماء الأبرياء في شتَّى بقاع العالم، وفكَّك عائلاتٍ كثيرةً باستخدام وسائل مختلفة يأتي في مقدمتها أكثر من 18 مجلة إلكترونية تصدرها التنظيمات والجماعات المتطرفة.
وأوضح د. عبد الفضيل جهودَ مرصد الأزهر في مكافحة التطرف حيث يعمل بإحدى عشرة لغة في كتابة عدد كبير من المقالات والتقارير، فضلًا عن متابعة أحوال المسلمين في العالم، ويَنشر بشكل شهري إحصائيةً تتناول أعداد القتلى والمصابين جرَّاء العمليات الإرهابية الواقعة في عدد من دول العالم، لافتًا إلى أنَّ أول عملٍ للمرصد كان على المجلات الإلكترونية التي تصدر باللغات المختلفة لتنظيمات الإرهابية مثل: "دابق"، و"رومية"، و"دار السلام"، و"الرسالة"، و"النبأ"، إضافةً إلى مجلات أخرى.
وأشار مدير مركز الأزهر العالمي إلى الحملات الشبابيَّة التي أطلقها المرصد على منصَّات التواصل الاجتماعي، مثل حملة "يدَّعون ونصحِّح"، و"التعريف بمصطلح الجهاد"، و"قيم إنسانيَّة"، و"هنَّ"، و"رحمة للعالمين"، و"كيف لدين؟"، و"طرق الأبواب" التي استهدفت آخر حلقاتها شباب الجامعات تحت مسمَّى "ملتقى الشباب.. اسمع وتكلم"، كما أشار إلى مشاركة المرصد في عدد من المؤتمرات الدولية بلغت 18مؤتمرًا دوليًّا، في عام 2017، وإطلاق مشروع "قوافل السلام الدولية" التي زارت أكثر من 19 دولة في جميع قارات العالم، تحت رعاية الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين، كان آخرها قافلة إلى دولة "كينيا"؛ للتعريف بوسطية الإسلام وتحذير الشباب من خطر استقطاب الجماعات المتطرفة.
وتابع د. عبد الفضيل أن المرصد عكف طيلة 3 أشهر على دراسة قدرات وتأثير الآلة الإعلامية لتنظيم "داعش" قبل وبعد سقوطه وفقدانه 98% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، وذكرت الدراسة أن هناك عددًا من المتغيرات التي طرأت على محتواه الإعلامي، كانخفاض الإصدارات، والتأخر في البيانات، وغلبة النغمة الدفاعية، وسقطات الترجمة، فضلًا عن رداءة جودة الصور والفيديوهات، وأشارت الدراسة إلى أنَّ المكافحة الإلكترونية التي شنَّتها مواقع "فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب" ضد التنظيم، ساعدت في ترنّح الشبكة الإعلامية، بالإضافة إلى الحملات العسكرية المكثَّفة للتحالف الدولي، التي كان لها نتائج إيجابية في تقويض الإعلام الداعشي، خاصًة بعد نجاحها في قتل عدد من القيادات التي شغلت مناصبَ رئيسةً فيه، كـ"أبو محمد العدناني" الذي شغل منصب وزير الإعلام في التنظيم، و"أحمد أبو سمرة" المسؤول عن نشاط التواصل الاجتماعي.
وطالب مدير المرصد بضرورة تضافر جهود جميع المؤسسات العاملة في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، بما فيها التي تعمل على الأبعاد الدينية والفكرية، أو التي تعالج من جانب اجتماعي أو التي تنظر إلى الأبعاد السياسية والأمنية، داعيًا إلى تبنِّي فكرة مشروعٍ دوليٍّ يحتضن شباب العالم تحت مسمَّى "اسمع وتكلَّم" لتوعيتهم بمخاطر استقطاب الجماعات التي تنتهز ما تمرُّ به -بعض الدول- من جهلٍ وفقرٍ وفراغٍ روحيٍّ، للتأثير على أفكارهم ودفعهم لحمل السِّلاح بهدف إقامة خلافة مزعومة أو نصرة أفكار مسمومة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة