كلما اقتربنا من النهاية أرادوا جعل هذه النهاية أبعد.. بهذه الكلمات بدأ الرئيس السورى بشار الأسد حواره لقناة روسيا اليوم، التى تناولت آخر تطورات الأزمة السورية، فى ظل تقدم الجيش العربى السورى، واستعادته مزيدا من المناطق، بالتزامن مع المساعى السياسية لحل الأزمة، وتهيئة الظروف المواتية لإيجاد تسوية سلمية، مع تأكيد الرئيس أن الوضع بدأ يقترب من خطة النهاية.
وأعلن الرئيس السورى، أن بعض الفصائل المسلحة المدارة من الخارج، تحاول التصعيد كلما اقتربت التهدئة، قائلا "فى بداية حواره، لقناة "RT" الروسية: "كلما اقتربنا من النهاية أرادوا جعل هذه النهاية أبعد، ماذا يعنى ذلك؟ كلما تمكنا من تحقيق الاستقرار، ازداد خطر التصعيد، وكلما حققنا المصالحة فى منطقة، ازداد القتل والدمار ومحاولات السيطرة على المزيد من المناطق من قبل الإرهابيين، مؤكدا أن المصالحات كلما كانت تبدأ فى العديد من المناطق، تحاول الفصائل الأخرى فى نفس المناطق أن تفشلها، لأنها كانت تتلقى الأوامر من الخارج بألا تتحرك نحو أى مصالحة".
وأضاف "الأسد" "بالطبع فإن تلك الأوامر تأتى مدفوعة الثمن.. لكن كلما ازدادت حدة التصعيد، ازداد تصميمنا على حل المشكلة لأنه ما من خيار آخر لدينا، فإما أن يكون لنا بلد أو لا يكون".
وعن الاتهامات باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، قال الأسد، "توقيت هذا الهجوم المزعوم كان بعد انتصار الجيش السورى فى الغوطة، ناهيك عن حقيقة أننا لا نمتلك أسلحة كيميائية فى كل الأحوال، وأننا لن نستخدم هذه الأسلحة ضد شعبنا، مؤكدا أن المعركة فى سورية كانت حول كسب قلوب السوريين، وهذه هى المعركة الرئيسية، وقد كسبناها، إذا كيف يمكن لك أن تستخدم الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين الذين تريدهم أن يكونوا داعمين لك؟".
وأضاف "إذا أردت استخدام الأسلحة الكيميائية، ولنفترض أنك تمتلكها وتريد استخدامها، فهل تستخدمها بعد أن تكون قد حسمت المعركة؟ أم قبلها، أو حتى خلالها؟ هذا غير منطقي، وإذا ذهبت إلى تلك المنطقة تجد أنها كانت منطقة مكتظة بالجيوش والفصائل والمدنيين، إذا استخدمت مثل تلك الأسلحة فى تلك المنطقة، فستلحق الضرر بالجميع، وهذا لم يحدث".
وتابع الرئيس السورى قائلا: "إذا ذهبت إلى منطقة الغوطة الشرقية وسألت المدنيين، لن تجد من يقول أن هجوماً كيميائياً قد حدث، حتى الصحفيين الغربيين الذين ذهبوا إلى الغوطة بعد تحريرها قالوا: "لقد سألنا الناس وقالوا إنهم لم يروا أى هجوم كيميائي"، وبالتالى فإن تلك كانت رواية ومجرد ذريعة لمهاجمة سوريا".
وعن رد الفعل الذى وعد به الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأنه شديد ومفرط، بعد الهجوم الكيميائى المزعوم، ثم كانت الضربة الجوية التى بدت رمزية وأضيق نطاقا، قال "الأسد" : ثمة وجهان لهذه المسألة، الوجه الأول هو أنهم لفقوا رواية وكذبوا بشأن ذلك، والرأى العام فى سائر أنحاء العالم وفى الغرب لم يبتلع روايتهم، لكن لم يعد بإمكانهم التراجع. ولذلك، كان عليهم فعل شىء ما، ولو كان على نطاق أضيق. أما الوجه الثانى يتعلق بالموقف الروسى حيث أعلن الروس حينذاك، أنهم سيدمرون القواعد التى ستستخدم فى إطلاق الصواريخ، مضيفا أن الغرب كان يفكر بشن هجوم شامل على جميع أنحاء سوريا، ما دفع التهديد الروسى الغربى لتقليص ضربته وجعلها على نطاق أضيق.
وعن رد فعل الرئيس السورى، حول نعت نظيره الأمريكى دونالد ترامب له بـ"الأسد الحيوان"، قال "بشار الأسد" "هذه ليست لغتى ولذلك لا أستطيع استعمال لغة مماثلة، هذه لغته وهى تمثله، لدينا قول معروف وهو أن الكلام صفة المتكلم، وهو بهذا الحديث يتحدث عن نفسه".
وأضاف "فى كل الأحوال هذا الكلام لم يحدث أى تأثير فى نفسى، الشىء الوحيد الذي يؤثر في هو حديث الأشخاص الذين تثق بهم، الأشخاص المتوازنون، العقلاء، اللبقون، الأخلاقيون"، وتابع بشار الأسد "شخص مثل ترامب لا يحرك أى مشاعر بالنسبة لى".
وعن شن إسرائيل ضربات جوية على سوريا وكيفية منع هذه الغارات، أعلن "الأسد" أن بلاده ماضية في تعزيز دفاعاتها الجوية للتصدي للغارات الإسرائيلية مشيرا إلى أن هذه الدفاعات الجوية، كانت أولى أهداف المرتزقة فى البلاد، قبل أن يهاجموا أى قاعدة عسكرية أخرى، مضيفا أن هذا كان مفاجئاً حينذاك، متسائلا لماذا يهاجمون الدفاعات الجوية؟ إذ لا علاقة لها بالتعامل مع "المظاهرات السلمية" أو "القوى المعتدلة" كما يسمونها، ولا تستطيع التعامل مع المتطرفين بأى حال من الأحوال، إنها شيء آخر، فقد وجدت للدفاع عن البلاد وبالتالي، فإن مهاجمتهم لها هو دليل آخر على أن إسرائيل كانت مرتبطة مباشرة بأولئك الإرهابيين فى سوريا".
وأضاف "لذلك هاجموا تلك القواعد ودمروا جزءاً كبيراً من دفاعاتنا الجوية، الآن ورغم ذلك فإن وضعنا أو لنقل دفاعاتنا الجوية، أقوى من أي وقت مضى بفضل الدعم الروسي، وقد أثبتت الهجمات الأخيرة من قبل الإسرائيليين والأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين أن وضعنا الآن أفضل".
وتابع الأسد ردا على سؤال حول ما تستطيع دمشق فعله للتصدى للغارات الإسرائيلية: "الآن، فإن الخيار الوحيد أمامنا هو تحسين دفاعاتنا الجوية، هذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع فعله ونحن نفعله".
وفى ضوء ذلك أعلن الرئيس السورى، أن صراعا مباشرا كان على وشك الوقوع بين القوات الروسية والأمريكية فى سوريا، وقد تم تحاشيه بفضل القيادة الروسية، قائلا "فى الواقع كنا قريبين من حدوث صراع مباشر بين القوات الروسية والقوات الأمريكية، ولحسن الحظ تم تحاشي ذلك الصراع ليس بفضل حكمة القيادة الأمريكية، بل بفضل حكمة القيادة الروسية، لأنه ليس من مصلحة أحد في هذا العالم وبالدرجة الأولى السوريين حدوث مثل هذا الصراع"، مؤكدا "نحن بحاجة للدعم الروسى، لكننا في الوقت نفسه بحاجة لتحاشى الحماقة الأمريكية كى نتمكن من تحقيق الاستقرار فى بلادنا".
وفى تعليق الرئيس السورى على المزاعم الإسرائيلية التي تفيد بأن ضربتها مؤخرا على سوريا كانت موجهة ضد قوات إيرانية، أقر بوجود ضباط إيرانيون يساعدون الجيش السورى، قائلا "الحقيقة الأكثر أهمية فيما يتعلق بهذه القضية هى أنه ليس لدينا قوات إيرانية، لم يكن لدينا أى قوات إيرانية في أى وقت من الأوقات، ولا يمكن إخفاء ذلك، ولا نخجل من القول بأن لدينا مثل هذه القوات، لو كانت موجودة، فنحن من دعونا الروس وكان بإمكاننا أن ندعو الإيرانيين".
وأضاف "لدينا ضباط إيرانيون يساعدون الجيش السورى، لكن يكون لديهم قوات، والحقيقة الأكثر وضوحاً التي تثبت كذبهم في هذه القضية، أي قضية الإيرانيين، هي أن الهجمات الأخيرة قبل بضعة أسابيع، التي قالوا إنها استهدفت قواعد ومعسكرات إيرانية، كما زعموا، أدت إلى استشهاد وجرح عشرات الشهداء والجرحى السوريين، ولم يكن هناك إيراني واحد، إذاً كيف يستطيعون القول إن لدينا مثل تلك القوات؟ هذا كذب نقول دائماً إن لدينا ضباطاً إيرانيين، لكنهم يعملون مع جيشنا، وليس لدينا قوات إيرانية".
وعن استعادة باقى الأراضى السورية والتى تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، هدد بشار الأسد باللجوء الى القوة لاستعادة المناطق التى تسيطر عليها قوات سوريا الديموقرطية المدعومة من أمريكا، في حال فشل خيار المفاوضات معها حول تسليم هذه المناطق.
وقال الأسد، إنه بعد تحرير مناطق عدة في البلاد "باتت المشكلة الوحيدة المتبقية فى سوريا هى قوات سوريا الديموقراطية" المؤلفة من فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن.
وأضاف "سنتعامل معها عبر خيارين، الخيار الأول هو أننا بدأنا الآن بفتح الأبواب أمام المفاوضات لأن غالبية هذه القوات هي من السوريين، إذا لم يحدث ذلك، سنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة، ليس لدينا أى خيارات أخرى، بوجود الأمريكيين أو بعدم وجودهم"، مكررا التأكيد على انه "من المستحيل أن نتعمد ترك أى منطقة على التراب السورى خارج سيطرتنا كحكومة"، معتبراً انه عند فشل تحقيق "المصالحات"، فإن "الطريقة الوحيدة التي يمكن اللجوء اليها هي استخدام القوة".
,اضاف الرئيس السورى أن الأمريكين سيغادروا سوريا وسيغادرون بشكل ما"، معتبراً انه "بعد تحرير حلب وبعدها مدينة دير الزور وقبل ذلك حمص والآن دمشق، فإن الولايات المتحدة ف الواقع تخسر أوراقها".
ورداً على سؤال حول الهدف من إجلاء المسلحين إلى إدلب ، قال الأسد "نحن لم نرسل هؤلاء إلى إدلب، بل هم أرادوا الذهاب إليها لأن لديهم الحاضنة نفسها"، مضيفاً "هذا أفضل بالنسبة لنا من منظور عسكرى"، مؤكدا الوضع يقترب من خط النهاية.. وتجمع المسلحين فى إدلب يسهل مهمة الجيش السورى.