من بين تفاصيل كثيرة فى مشروع تطوير التعليم الذى أعلنه الوزير الدكتور طارق شوقى، طفت أزمة اللغات على السطح، ومن الواضح أن هناك أزمة فى توصيل الأفكار إلى المجتمع، وهناك تصورات ومخاوف لدى أولياء الأمور تجاه غموض فى بعض النقاط، خاصة ما يتعلق بإلغاء المدارس التجريبية وما يتعلق بتدريس اللغات، وتعريب العلوم والرياضيات. أولياء أمور تلاميذ التجريبى يرون أن تدريس اللغات من الإعدادية يدفع الطلاب للالتحاق بالخاص، ولهذا يرفضون قرار تعريب الدراسة فى المدارس الرسمية من رياض الأطفال وحتى السادس الابتدائى ليبدأ تدريس اللغات فى نفس المدارس، إضافة إلى الحكومية من المرحلة الإعدادية.
ويرى أولياء أمور تلاميذ التجريبى أن المدارس الرسمية للغات «التجريبية» ميزة مع تدنى الخدمة المقدمة فى المدارس الحكومية مع ارتفاع مصروفات المدارس الخاصة والدولية، وأن إلغاءها يجعلهم تحت رحمة المدارس الخاصة، ويرى أولياء الأمور أهمية للغات، خاصة أن سوق العمل حاليا يحتاج إلى طالب لديه مهارة وإجادة للغات، فى المقابل ينقسم خبراء التربية بين مؤيد لرأى الوزير وبين من يتعاطف مع مخاوف أولياء الأمور، حيث يرى قطاع من الخبراء أن النظام الجديد سوف يوفر كل المزايا فى المدارس الحكومية والرسمية والطالب سوف يكتشف الحقيقة، ولن يكون هناك إقبال على مدارس بعينها مثل الخاصة، فيما يتجه بعض الخبراء إلى الهوية وأهمية اللغة العربية وتقويتها، لكن هناك بعض المخاوف لدى خبراء ومعلقين من أن يكون النظام الجديد على حساب المدارس الرسمية، ويجعلها فى درجة أقل.
وزير التعليم الدكتور طارق شوقى فى آخر تصريحاته يقول: إن اللغة الإنجليزية فى نظام التعليم الجديد سوف تدرس من مرحلة رياض الأطفال كمادة منفصلة بينما تدرس مواد «اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والعلوم والرياضيات» فى باقة متعددة التخصص، يقوم فيها الأطفال مع المعلمين بأنشطة ومشروعات حول موضوع كبير يتم من خلاله تعليم المواد المختلفة من خلال هذه الفلسفة التعليمية.
يقول الوزير أيضا، إن الطفل سوف يدرس لغة إنجليزية منذ اليوم الأول وأن تثبيت اللغة العربية «اللغة الأم» يستوجب أن تكون المناهج المطبوعة للباقة متعددة التخصصات باللغة العربية، بالتوازى مع تعليم اللغة الإنجليزية كمادة منفصلة، حتى الصف السادس الابتدائى، وفى الإعدادية والثانوية يتم الانتقال إلى مواد أساسية وأخرى اختيارية، ويتم تدريس العلوم والرياضيات كمواد منفصلة، باللغة الإنجليزية بعد فصلها عن الباقة وبعد الاطمئنان أن اللغة العربية قد تم «تثبيتها» كلغة أم فى القراءة والكتابة مع إتقان اللغة الإنجليزية فى ذات الوقت.
الوزير يؤكد أن هذا النظام يقدم جودة أفضل، لكن الحديث عن إلغاء التجريبى أثار مخاوف أولياء الأمور ودفعهم للتظاهر، والدعوة لإبقاء اللغة الإنجليزية اعترافا بميزات التجريبى، ويقول الوزير فى تصريحاته من الجائز، أن نبقى على مدارس تحت مسمى «حكومية مميزة» أو «خاصة مميزة»، ولكن التميز هنا فى الخدمات وجودة العملية التعليمية وليس فى صلب الفلسفة التعليمية ذاتها.
تصريحات الوزير وما أعلن عنه حتى الآن يتضمن نقاطا إيجابية عن إنهاء الحفظ والتركيز على الفهم والأنشطة والتفاعل والبحث، لكن تبقى نقاط اللغات والعلوم بالعربية بحاجة للمزيد من الشرح، وإتاحة الفرصة لحوار فى مجلس النواب، والخبراء والمجتمع، حتى يمكن إزالة أى التباسات أو مخاوف، المجتمع من حقه أن يطمئن، ولهذا يبقى الحوار مهما وضروريا دون تهويل أو تهوين.