فى كل قضايانا هناك ما هو معلن، وما هو مخفى، نعيش حالة من الازدواجية والتناقض تجعلنا غير قادرين على رؤية واقعنا، والخروج من أزماتنا، إذا نجحنا فى إزالة الازدواج والتداخل فيما يتعلق بالتعليم، يمكننا بالفعل أن ننجح فى تطوير التعليم بشكل يتجاوز الواقع الذى لا يرضى أحدا، وهناك نقاط مهمة، فيما يتعلق بالتعليم، تحتاج إلى مناقشة أكثر من مجرد التوقف عند اللغة والشكل الأمثل لتدريس اللغة العربية والإنجليزية، فعليا فإن التعليم الجيد ينتج طلابا متفوقين فى اللغة العربية والإنجليزية، بينما التعليم السيئ لا ينتج شيئا مفيدا.
إننا بالفعل نعيش تمثيلية ونرفض الاعتراف بالحقائق، كل نقطة فى التعليم بها ازدواجية، لدينا ازدواج فيما يتعلق بالإنفاق على التعليم، وفى الدروس الخصوصية، وفى الكتاب والمناهج والامتحانات، وكلها نقاط بحاجة إلى نقاشات واضحة تتجاوز الموافقة أو الرفض، لما يطرحه وزير التعليم الدكتور طارق شوقى.
نظريا لدينا تعليم مجانى أو تعليم عام تموله الدولة، وصل آخر مبلغ 106 مليارات جنيه للتعليم، والمواطن ينفق تقريبا نفس المبالغ على الدروس الخصوصية، وإذا أضفنا ما ينفق على التعليم الخاص والدولى، نكتشف أن هناك موازنة ضخمة بالفعل وإنفاقا كبيرا على التعليم، ومع هذا لا يوجد رضا ولا اقتناع بالعائد من التعليم، لا المعلم راض ولا التلميذ مقتنع ولا أولياء الأمور مبسوطون، وبالتالى بالرغم من الحديث عن نقص موازنات التعليم، فإن ما يتم إنفاقه كثيرا يضيع فى إهدار أكثر مما يضيع فى إنفاق على العملية التعليمية.
فعليا فإن ما ينفق على التعليم رسميا وعرفيا يمثل إنفاقا ضخما ربما يكفى لصناعة تعليم محترم، لكن ما يحدث أن هناك خللا فى توزيع الإنفاق، قليل من المعلمين يحصلون على أغلب عوائد الدروس الخصوصية، بينما يشكو أغلب المعلمين، والمدارس الخاصة تحصل على مصروفات عالية، بينما رواتب المعلمين فيها ضعيفة، ولا توجد موازنات لتدريب وتطوير المعلم، وهو ما يجعل الشكل طاغيا على المضمون ولا يوجد أى طرف راض عن التعليم.
أغلب طلاب الثانوية وما حولها لا يذهبون إلى المدارس، ويتكالبون على مراكز الدروس الخصوصية. والحجة أن التلميذ لا يستطيع التحصيل فى الفصل، بسبب كثافة الفصول التى تبلغ 50 تلميذا، لكن نفس التلاميذ يذهبون إلى مدرج خصوصى يصل فيه عدد التلاميذ إلى 100 وأحيانا مئات بما يعنى أن الأمر ليس بالعدد.
وننفرد عن كل دول العالم فى أن لدينا أنواعا مختلفة من التعليم، الحكومى والتجريبى والخاص واللغات والأمريكانى والأوروبى، بشكل يجعل من الصعب تخريج أجيال يمكنها أن تتفاهم من خلال مشتركات ثقافية وفكرية، ولا علاقة لخريجى الجامعات بسوق العمل أو التنافسية، معطيات يجب أن تدفعنا للتفكير، ونحن لدينا طموحات للمستقبل.
أول خطوة أن نتصارح بهدوء ونعترف بعيوب الوضع الحالى، ونناقش النظام الجديد للتعليم، واضعين فى الاعتبار كل هذه النقاط التى تمثل ازدواجا، وأن يتم النقاش بعيدا عن الاستقطاب، حتى نخرج من تمثيلية نشارك فيها جميعا.